وقولهم: كان السيوطى إذا أراد أن يفسر القرآن، خرج إلى الجبل ففسره هناك خوفا من الخطأ فى التفسير، فإنه ينزل الغضب على أهل البلد، كلام باطل لا أصل له البتة، وما ألقى هذا بين الناس إلا الشيطان، ليصدهم به عن سبيل الله، وقد قال الله تعالى:
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17]، أى متذكر ومتعظ به، وقال تعالى: كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ [فصلت: 1 - 4]، وقال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29].
ولهذا الجهل الفاشى بينهم، ترى الناس جميعا، حتى حملة القرآن، يتحاملون عن التكلم فى معنى آية من كتاب الله، وإن كان أحدهم حافظا لمعناها، وإن كان سمع تفسيرها عشرين مرة، وإن كان قرأها فى التفسير مائة مرة، فتراهم يتناهون بحدة وشدة، يقولون: ارجع ارجع أحسن تنزل علينا الغضب، ما لك وما للتفسير، خلى التفسير لأصحابه يا عم.
ومن هنا عم فينا الجهل وطم، وساءت أخلاقنا، وسفهت أحلامنا، وقسمت قلوبنا، فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة: 74]، وعصى الله ورسوله جهارا، وبعدنا عن كل فضيلة، ووقعنا فى كل رذيلة، حتى صرنا أذل وأحقر الأمم بعد أن كانت العزة والسلطان لنا، وكل هذا بسبب هجرنا وبعدنا من تعاليم القرآن السامية، وعدم اعتناقنا لأوامره ونواهيه، وإعراضنا عن فهمه وتدبر معانيه، قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [طه: 124]، وقوله: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف: 36] وقوله: وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً [الجن: 17]، وقوله: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ [الكهف: 57].
واعتقادهم كفر من غلط، أو لحن فى قراءة سورة الكافرين اعتقاد باطل فظيع شنيع، ومتى يتعلم الإنسان دينه، وكتاب ربه، إذا كان بغلطة ينزل عليه وعلى أهل بلدته المقت والغضب، وبلحنه يكفر ويخرج من الدين؟ نعوذ بالله من ضلال المضلين، ومن الشيطان الرجيم، لما علم الشيطان عظم أجر هذه السورة ألقى هذا بين الناس.
فقد روى الطبرانى، والحاكم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن، وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ تعدل ربع القرآن» حديث صحيح، كما فى الجامع، وقد تقدم فى الحديث المتفق عليه أن: «الذى يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له