حال غياب الرجال مفسدة ودياثة، وشحذ القراء بالقرآن فى الشوارع والطرقات ضلال كبير، وشر خطير، ولو استغنوا بتجارة أو صناعة لغناهم الله قطعا: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق: 2، 3]، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق: 4]، وفى الحديث عنه صلى الله عليه وسلم قال: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا» رواه الإمام أحمد، والترمذى، وابن ماجة، والحاكم، عن عمر بسند صحيح كما فى الجامع، فاتقوا الله أيها القراء، وتوكلوا على الله وتحرفوا لدنياكم، «فإن الله يحب العبد المؤمن المحترف، واعرفوا ربكم وادعوه، فإنكم لو عرفتم الله حق معرفته لزالت لدعائكم الجبال» وذكرهما فى الجامع.
وقراءة الفاتحة زيادة فى شرف النبى صلى الله عليه وسلم بدعة لا أصل لها، وقد قال تعالى: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: 56]، ولم يقل: اقرءوا عليه، وقراءة الفاتحة بنية قضاء الحاجات، وتفريح الكربات، وهلاك الأعداء، بدعة لم يأذن بها الدين، وقراءة الفاتحة بالسماح كما يفعله الفقراء بدعة، وقراءة الفاتحة عند شرط خطبة الزواج واعتقادهم أن قراءتها عهد لا ينقض بدعة واعتقاد فاسد وجهل.
وقراءة سورة الفيل إلى كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [الفيل: 5] ثم تكرير كَعَصْفٍ مرات لأجل إسكات الكلاب عن النباح، واعتقادهم أنها تمنع الكلب عن عض الإنسان، وأنه إذا قرأ لفظة مَأْكُولٍ عضه الكلب، هذا هو كلام واعتقاد من لا عقل له ولا دين.
والمسبعات: الفاتحة، والمعوذتان والإخلاص، والكافرون سبعا سبعا بدعة، لم يرد فيها ولا حديث ضعيف، ولم يتعبد بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أحد من خلفائه، ولا أصحابه، فما هى إلا منام رآه إبراهيم التيمى، وليست المنامات شريعة يتعبد بها.
والفائدة التى يعملونها لجلب الرزق، ويصومون عن أكل كل ذى روح أياما، ويحتجبون عن الناس فى الخلوة فى مكان مظلم، ويكررون عقب كل صلاة مئات المرات آية: وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ [يس: 72] هى باطلة قطعا، ولا تعود على صاحبها بأدنى فائدة، بل بالخيبة الدائمة، والذى يجلب الرزق حقا، ويفتح لك بركات السماء والأرض، إنما هو تقوى الله، قال تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف: 96].