بين أيدينا، وتحملنا أمانة إنفاقه فى الوجوه المشروعة.
إن مجالات الاستثمار عديدة، ويستطيع كل صاحب مال أن يقدم الكثير من الفكر البناء الذى يطور المجتمع، ويقدم المال الذى يقضى على البطالة المتفشية فى المجتمع، ويهيئ المجال للسواعد الفتية أن تعرق فى استصلاح الأرض، والقضاء على الإدمان، وحل أزمة الإسكان، كلها استثمارات تنبثق من روح الدين، وتتفق مع أهدافه ومراميه، وتتمشى مع حاجيات المجتمع، وتقتدى بما فعل الصالحون من آباء لنا وجدود، عرفوا حق الله، وحق العباد، وحق النفس، فأعطوا لكل ذى حق حقه.
5 - قال الله تعالى: مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [آل عمران: 117].
سيق هذا المثل بآيات تعرض لنا حال من سبقنا من أمم سارت على النهج، فكان منهم من يتلو آيات الله، ويؤمن بالله واليوم الآخر، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويسرع إلى عمل الطاعات، فكل هذه الأعمال التى قاموا بها، لها أجرها وثوابها عند الله سبحانه وتعالى، وهناك أقوام آخرون لا يرتفعون إلى مستوى أولئك السابقين فى جهادهم، وأعمالهم الصالحة، مع تشابههم فى امتلاك المال، وكثرة الأولاد، والتمتع بأطايب الحياة وما فيها، ولكن الطريق يختلف، والنفس غير النفس.
قال الله تعالى فى حق الفريقين السابقين: لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [آل عمران:
113 - 116].
ثم يأتى بعد ذلك المثل القرآنى، ليعرض حال أولئك الكافرين الذين كانوا حريصين على أموالهم، وأولادهم، وحياتهم، وأنفقوا بعض أموالهم فى الخير، بحال تلك الريح ذات الصر المهلكة للزرع، فهم لا يستفيدون منها شيئا، وليست مانعتهم من الله، وهم أصحاب النار، وكل الذى بذلوه من مال وأنفقوه، إنما ذهب أدراج الرياح وهلك،