وكذلك عاقبة أهل الرياء والمن، تبديد للجهد، وضياع للثواب، وشعور بالندم، والحسرة على ما فات.
والجدير بالمؤمن الخائف من ربه أن يقدم لغيره ما يحفظ عليه كرامته فى دنياه وأخراه، فلا ينطق إلا صدقا، ولا يقدم صالحا. والسخاء الحقيقى ما خلص من تلك المعكرات، والشوائب التى تضيع الثواب.
والسؤال الذى يطرح نفسة الآن: كيف يستثمر المؤمن أمواله؟
إن الدعوة للإنفاق، والعطاء، وفرض الزكاة فى أموال الأغنياء لتعطى لفقراء المسلمين، وأصناف المصارف التى حددها القرآن الكريم، كل ذلك ليس سبيلا إلى السرف والتبذير وتضييع المال، وإنفاقه فى وجوه غير مشروعة، وتبديد له فى غير فائدة، وإنما ذلك يعتبر نوعا من الاستثمار المحقق الفائدة، الذى يعود على صاحبه بالخير والفائدة، فالمال ينمو بالزكاة، ويسجل لصاحبه الأجر فى الدنيا والآخرة، وهذا نوع من الجزاء لن يتحقق فى أى لون آخر من ألوان التبايع والشراء.
ولكن أيكتفى بهذا العطاء القاصر على إخراج حق معلوم للسائل والمحروم؟ أو يمكن أن يضاف إلى ذلك مصارف أخرى تحقق فائدة أعم وأشمل؟.
إن مقتضيات الأحوال الآن قد اتسعت فى احتياجات أفرادها، وإسهام رءوس الأموال فى تهيئة الوسائل التى تعجز الحكومات عن الوفاء بها، لضيق إمكاناتها المادية، وعجز مواردها عن تلبية رغبات الناس، وما يجدّ من أمور فى الحياة.
إن نظرة واعية لما يكابده المجتمع من أزمات اقتصادية، واجتماعية، وصحية، تلقى على عاتق كل مسئول أن يكون إيجابيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فالمسئولية ليست قاصرة على الحاكم ومن يشغل المناصب المسئولة، وإنما يتعدى ذلك إلى النظرة الشاملة التى حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديثه: «كلكم راع، وكل راع مسئول عن رعيته»، فصاحب المال راع، ومسئول عن تصريف ماله واستثماره فى وجوه تعود بالنفع على نفسه وعلى مجتمعه الصغير والكبير، فالإسهام فى إعداد المشافى، وتهيئة الأماكن والأدوية؛ للقضاء على الأمراض المتفشية فى المجتمع، والقيام بدور إيجابى فى تعليم الأمة، والقضاء على الأمية، وكذلك مساعدة الحكومة فى مشروعاتها الكبرى التى تعجز عن القيام بها بمفردها، إنما هو نوع من الاستثمار المطلوب فى المال الذى وضع