responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 222
من المكلفين، ولمن لا يؤثر فيه شيء من ذلك» [18].
وقد يطول تصوير مشهد السحاب والرياح والمطر، مع تجسيم الحالات النفسية المصاحبة له يقول تعالى: اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ، وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ، فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ ذلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ الروم: 48 - 51.
فالصورة هنا ترسم مشهد السحاب منشورا وممدودا، في مساحات واسعة من السماء، ثم ترسمه متجمعا بعضه فوق بعض متراكما، والودق يخرج من خلاله، وأثر هذا المشهد الطبيعي في فرحة النفوس به، واستبشارها بالخير والنماء والرزق، ثم تنتقل الصورة إلى أثر المطر في إحياء الأرض بعد موتها وترتسم صورة الأرض مخضرة بالنبات، على مساحات واسعة، تقابل صورة مشهد السحاب الممدود على مسافات واسعة أيضا، كما تتقابل خطوط الصورة أيضا، في المطر النازل، والنبات الطالع وتتصل خطوط المشهدين في التصوير، اتصال السبب بالمسبب، فتبدو الأرض محتاجة إلى رحمة الله، كما هي بحاجة إلى وحي السماء، فاتصال الأرض بالسماء اتصال مادي ومعنوي، ولا يمكن الاقتصار على أحدهما دون الآخر، فكما هي بحاجة إلى المطر لتحقيق الحياة عليها في نبات الزروع والثمار، كذلك هي بحاجة إلى الوحي، لإرشاد العقول وهدايتها، لتحقيق الخير والحياة السعيدة. وفي نهاية التصوير، دعوة إلى التدبر في هذه المشاهد الطبيعة، لإدراك ما فيها من أدلة عقلية وحسيّة، على إحياء الله الموتى، وهي القضية العقدية، التي نلاحظها في تصوير مشاهد الطبيعة غالبا. ويمتزج الترغيب والترهيب في تصوير الطبيعة، من خلال عرض صورتين متقابلتين للسحاب، وتجسيم حالات النفوس أمام هاتين الصورتين، فالسحاب إما أن يكون مصدر خير ونماء، وإمّا أن يكون مصدر هلاك ودمار، لذلك فالنفوس فرحة بنزول الأمطار، مستبشرة بها، ولكن حين ترى السحاب مصفرّا، فهو نذير عذاب وهلاك، فتبدو النفوس يائسة كافرة، وهكذا تتقابل المشاهد في السياق الواحد، لتحقيق الخوف والرجاء. ويمتد

[18] الكشاف: 2/ 84.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 222
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست