نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 223
تصوير مشهد الأمطار، وآثاره في الأرض، في إنبات الزرع، ويتواصل تصوير الأرض مخضرة مع صورة السحاب والأمطار، ضمن نظام العلاقات التصويرية، لبناء رؤية دينية لهذه المشاهد الطبيعية، وتفسيرها على ضوء هذه الرؤية. يقول تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ الحج: 63.
ثم تفصّل الصورة خضرة الأرض، مع اختلاف ألوان الزروع والثمار. يقول تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها فاطر: 27.
ويعتمد التصوير على الفعل أَلَمْ تَرَ لإحياء المشهد، والبدء في عرضه أمام العيون، ويرتسم مشهد الأرض، مخضرة بعد نزول المطر، وتتنوّع فيها ألوان الزروع والنبات،
والثمار، مع أن المصدر واحد، وهو ماء السماء، للتأكيد على قدرة الله في تنويع الآثار، مع وحدة الأصل، وهذا التنويع ملحوظ أيضا في خلق الإنسان من ماء، واختلاف الناس في ألوانهم وأشكالهم، وأحجامهم، كاختلاف الزروع والثمار سواء بسواء.
ويضاف إلى الألوان والأنواع في الزروع والثمار، صورة الزوجية لها، من ذكر وأنثى أيضا، يقول تعالى: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى، كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى طه: 53 - 54، وقوله أيضا: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ الشعراء: 7 - 8.
وصورة الزوجية في إخراج النبات هي ظاهرة عامة في بقية المخلوقات، تقابلها صورة الوحدانية للخالق سبحانه وتعالى، ووصف الزوج بأنه كريم، فيه إيحاء بتكريم خلق الله، ودلالة على قدرته وآثارها في الكون والحياة والإنسان.
وقدرة الله ليست في إخراج النبات زوجيا فحسب، بل تظهر أيضا في تمهيد الأرض، وجعلها صالحة لذلك، يقول الله تعالى: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها، أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها النازعات: 30 - 31.
فالأرض مدحوة وممهدة لتكون معدة لإخراج المياه من جوفها، وإخراج النبات أيضا.
وتصور الأرض قبل نزول المطر، بهامدة مرة، وخاشعة أخرى، ثم ترسم حركتها بعد نزول المطر عليها. يقول تعالى: وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ الحج: 5.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 223