نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 218
النفس، وتتجاوب مع حركته، وامتداداته، وما يرسمه من أشكال، يقول الله تعالى في تصوير الظلّ أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً الفرقان: 45 - 46.
إن الصورة هنا ترسم لنا هذا المشهد الكوني بدقة متناهية، فحركة الظل بطيئة لطيفة حتى كأنه لا يتحرك، وهذا ملحوظ في إيقاع مَدَّ الظِّلَّ ثم كلمة ساكِناً تلقي بظلها على حركة الظلّ البطيئة، حتى كأنه ساكن، والصورة تجسّم حركته البطيئة، وتحرك الخيال لاستحضارها وتأملها، ومتابعة هذه الحركة من بدايتها إلى نهايتها، للوقوف على حركة هذا الكون البديع المتناسق في تصميمه، والمحكم في بنائه، وتبرز يد القدرة الإلهية، من خلال تصوير هذا المشهد المتناسق في حركته في الأرض، مع حركة الشمس في السماء، وتعتمد الصورة على الفعل المضارع أَلَمْ تَرَ على طريقة القرآن الكريم في استحضار المشهد، وإحيائه، وكأنه يعرض الآن أمام العيون، وتتابع حركته المتناسقة مع حركة الكون الكبير، والإلحاح على الخالق المبدع، لهذا المشهد المعروض فكلمة رَبِّكَ والضمائر العائدة عليه أيضا جَعَلْنَا قَبَضْناهُ إِلَيْنا تضفي هذه التعبيرات
على الصورة المتحركة روحا جديدة، ومعنى دينيا، وبعدا فنيا، فتنتقل الصورة المتحركة للظل من نطاقها الأرضي المحدود، إلى آفاق كونية غير محدودة، فتشد الأنظار إلى هذا الكون العجيب في تصميمه وتنسيقه، فتبدو الأرض مرتبطة بحركة السماء، محتاجة إليها، متصلة بها في هذه المشاهد الكونية وإذا كانت الأرض مرتبطة بحركة الكون هذا الارتباط القوي، فمن باب أولى أن ترتبط أيضا بشرع الله المنزل على رسوله، حتى يتم التناسق أيضا بين حركة الإنسان، وحركة الأرض، في هذا التصميم الكوني البديع، وهذا ما تظهره الصورة المرسومة للظل حيث نرى يد الله، تمدّ الظلّ وتبسطه 7 ثم تقبضه قبضا يسيرا، فيرجع في النهاية إلى الله، وكأني أحسّ أن الصورة ترسم ظلّ الإنسان المتحرك على الأرض لفترة محدودة، ثم يغيب ويرجع إلى مولاه أيضا، وهذه من إيحاءات الصورة، ثم أليست البداية كانت من الله؟ فالعودة كذلك إليه.
فالحركة إذا واحدة في الظل المنظور، كما هي في الإنسان، ويد الله متجلّية في تصميم هذا الكون كما هي ظاهرة في تكوين الإنسان. والإلحاح في الصورة على فناء المشاهد
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 218