responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 219
الكونية وزوالها، يهدف إلى غرس فكرة الفناء في نفس الإنسان، لتحقيق الغرض الديني من التصوير أيضا.
وصورة الماء العذب، صورة حسية مألوفة، ولكن الإنسان يغفل عن القدرة الإلهية التي أوجدت الماء الذي هو مصدر الحياة، فتعرض صورته المحسوسة هذه، وصورة أخرى له متخيلة، تقابلها لبيان فضل الله على الإنسان في توفير الماء العذب له، يقول تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ الواقعة: 68 - 70.
وصورة الماء العذب المحسوسة، تقابلها صورته المالحة المتخيّلة، تتفاعلان في السياق عن طريق التجاور في التعبير، والتضاد في التخيل والتأثير، لتحقيق الغرض الديني من التصوير، وهو بيان فضل الله على عباده في إنزال الماء العذب من السحاب، ويترك للإنسان أن يتخيل الصورة الأخرى المحتملة فيما لو نزل الماء ملحا أجاجا ليدرك رحمة الله عليه.
كما أنّ الصورة تعتمد على نظام العلاقات والروابط بين الصور، فالماء العذب، مرتبط بالمزن في السماء، والمزن أيضا مرتبطة بالبحار المالحة، لأنها تتكوّن منها بالتبخر، فيتمّ تقطيرها، فتحمل السحب المياه العذبة الصالحة لحياة الإنسان، وهذا ما يوحي به التعبير ب لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فالصورة للماء العذب، تتواصل ضمن نظام العلاقات السياقية، مع السحاب، والبحار، للإيحاء بهذه الحقائق العلمية، الدالة على القدرة الإلهية، الموجدة لهذه القوانين الطبيعية.
لهذا يكثر تصوير السحاب في القرآن الكريم، في مشاهد بديعة موحية ومؤثرة، فترسم حركته في السماء، وهو ينتقل من مكان لآخر، ثم يتجمع بعضه فوق بعض، فيصبح ركاما ضخما كالجبال، فيتحرك وفق مشيئة الله، بهذه الكتل الضخمة، ثم ينزل منه الماء أو البرد يقول الله تعالى في تصوير حركته: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ النور: 43.
ويعتمد التصوير هنا على الفعل أَلَمْ تَرَ على طريقة القرآن في إحياء المشهد، ثم يعرضه حيا ماثلا للعيون، وكأنها تراه الآن، ويجتمع في المشهد المعروض كل الأدوات

نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 219
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست