نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 216
فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ النور: 44.
وصورة تقليب الليل والنهار بهذا النظام المتعاقب بدقة ونظام، توقظ القلب، وتدفع الإنسان إلى التفكر بما فيها من دقة وتناسق مع حركة الشمس، دون أي خلل منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها إلى يوم النشور.
وصورة انسلاخ النهار من الليل، تعبّر عن الحقيقة الكونية أدق تعبير، لأنّ النهار تلبّس بالليل ملتصقا به، ويد القدرة الإلهية هي التي تنزع النهار من الليل ليعمّ الظلام يقول تعالى: وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ يس: 37.
ويمتد تصوير تعاقب حركة الليل والنهار، بتصوير ما يعقب ذلك من ظلام أو ضياء، فترسم الصورة اللون في الظاهرتين، كما لمست الحركة من قبل يقول تعالى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْناهُ تَفْصِيلًا الإسراء: 12.
ومن خلال التقابل بين الصورتين، تظهر فوائد الليل المظلم في الراحة والسكون، والنهار المبصر في العمل والمعاش بالإضافة إلى معرفة الزمن الضروري لحياة الإنسان الدينية والدنيوية.
ويلحّ القرآن الكريم على فوائد الظلمة والضياء للإنسان، فيعرض الليل والنهار في صور متعددة من ذلك قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً غافر: 61.
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً النبأ: 10 - 11، وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً، وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً الفرقان: 47.
فالليل لباس شامل، يحيط بظلمته الكون، وفي هذا الظلام سكن وراحة للإنسان بعد الكدّ والتعب، والنهار مبصر، ليس فيه ظلام، كي ينتشر فيه الناس طلبا للرزق والمعاش، ولكنّ الإنسان يغفل عن فوائد ذلك، لألفه واعتياده، وتبلّد حسّه، فتأتي صورة أخرى، ترسم الظاهرتين على نحو مختلف على سبيل التخييل، لطرق حس الإنسان بعنف، ليتأمل ويتدبّر هذا الكون البديع، المسخّر له، يقول تعالى:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 216