نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 215
فالصورة الحسية هنا تبدأ ب أَلَمْ تَرَ لإحياء الصورة البصرية بالفعل المضارع المكوّن من فعل الرؤية ذاته. ثم تبدأ برسم حركة الدخول الوئيد لليل في النهار، أو النهار، أو النهار في الليل، للإيحاء بالظلال المصاحبة لدخول أحدهما في الآخر في المشهد الكوني، كما أن الصورة الزمانية لليل والنهار، مرتبطة بالشمس والقمر، فبحركتهما المنتظمة المتناسقة يتم تشكيل هذه الصورة الزمانية، وهذه الدقة في تصميم الكون، تعقبها دقة أيضا، في معرفة أعمال البشر. وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.
وتتنوّع الصور الفنية في رسم حركة الليل والنهار، لتحقيق التأثير الديني يقول الله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ، وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ التكوير: 17 - 18.
فصورة الليل وهو يعسّ في الظلام بحركة وئيدة بطيئة، صورة حية شاخصة، على طريقة القرآن في التشخيص، لتحقيق منتهى التأثير بهذه الصورة الشاخصة، ولفظ عَسْعَسَ بجرسه المؤلّف من مقطعين يوحي بهذه الحركة الهادئة البطيئة لدخول الليل، ويرسم الظلال الكونية المتدرجة المصاحبة لدخوله. وصورة الصبح أيضا تعتمد على التشخيص للمشهد الكوني، فهو يتنفس، كما يتنفس الأحياء ولكن عن الحركة والضياء.
يقول الزمخشري: «فإن قلت ما معنى تنفس الصبح؟ قلت: إذا أقبل الصبح بإقباله روح ونسيم، فجعل ذلك نفسا له على المجاز» [16].
ويعرضان أيضا في صورة شخصين يتسابقان في حلبة السباق، وكلّ منهما يحاول أن يدرك الآخر، ولكن دون جدوى، ويبقى هذا حالهما في سباق ومنافسة إلى يوم الدين.
يقول تعالى: يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً الأعراف: 54.
فهذه الصورة الكونية تحاكي صورة الحياة على الأرض، وما فيها من سباق وصراع بين البشر، وخلع هذه الصفة المدركة، على المشهد الكوني، يجعله حيا شاخصا ومؤثرا، يتحرك باتجاه هدف مرسوم له في ساحة السباق المستمر، إلى يوم الدين حينئذ تتوقف الحركة، وينتهي السباق تماما، كحركة الإنسان على الأرض، وما فيها من سباق وصراع، تنتهي بانتهاء الحياة وهذا ما توحي به هذه الصورة الكونية الشاخصة.
ويعبر عنهما أيضا بصورة التقليب الحسية كقوله تعالى: يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، إِنَ [16] الكشاف: 4/ 224.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 215