نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 205
ثم تتواصل صور السماء مبنية بناء محكما، ومحبوكة حبكا دقيقا. على شكل طبقات بعضها فوق بعض، دون أن تعتمد في رفعها على عمد، كما اعتاد الإنسان أن يقوم البناء، كما أنها ضخمة واسعة.
يقول الله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ الذاريات: 47.
ثم أنها مرفوعة بغير عمد خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها لقمان: 10.
كما أنها سبع سماوات شداد، وليست سماء واحدة وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً النبأ: 12.
وهنّ على شكل طبقات بعضها فوق بعضها وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ المؤمنون: 17.
وهي محبوكة، ومحكمة ومتناسقة التركيب، كتنسيق الزرد المحبوك المتداخل الحلقات، دون خلل أو عيب فيها: وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ الذاريات: 7.
وهكذا تتواصل صور السماء في السياق، مترابطة، متعاونة على رسم صورة لها متكاملة على شكل بناء ضخم متقن الصنع، جميل متناسق، وهو بناء لا يخضع لقوانين البناء المعروفة لدى الإنسان، وإنما هو يخضع لقوانين أخرى وضعها الله سبحانه لها. وقد جعلها الله فوق رءوس البشر سقفا مرفوعا ومحفوظا من السقوط يقول الله تعالى: وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً، وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ الأنبياء: 32.
وصورتها وهي كالسقف المرفوع، لها دلالتها القوية، على قدرة الله سبحانه، ولكنّ البشر على الرغم من هذه الصورة الكونية المحسوسة فوق رءوسهم، لا يفكرون في أبعاد هذه الصورة، ولا يدركون ما وراءها من إله قادر على كل شيء.
فالصور الكونية تتضافر فيما بينها، وتتفاعل في السياق الواردة فيه، كي تحقق وظيفتها الدينية ويكفي أن يتصور الإنسان هذه الكتل الضخمة فوق رأسه، ليدرك قدرة الله عليه، ويرتعد خوفا من مخالفته، والابتعاد عن دينه.
وقد ألحّ القرآن الكريم على تصوير هذه المشاهد الكونية الضخمة، ليقارن الإنسان بين خلقه، وبينها ليشعر أن خلقه أهون، وأصغر، من هذه المشاهد التي يراها فوقه. يقول الله تعالى: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها، رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها النازعات: 27 - 28.
فالصورة هذه توحي بضآلة خلق الإنسان إلى جانب هذه الصورة الكونية الضخمة،
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 205