نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 204
ولكن أحمد بن المنير يردّ قول الزمخشري هذا، ويرى أن التسبيح هو على الحقيقة وليس مجازا [6]. وأيّا كان، فإن الصورة ضخمة في إيحائها، ومثيرة للخيال الذي يتابع مشهد التسبيح الكوني الهائل، في آفاق السماء، وفي مساحات الأرض، وفي أنواع الزروع والنباتات والمخلوقات .. وذلك على طريقة القرآن المفضّلة في تصوير المشاهد الكونية وهي تنبض بالحياة والحركة.
ومثل ذلك قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ، فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها فصلت: 11 - 12.
يقول الزمخشري في توضيح هذه الصورة الكونية: «ومعنى أمر السماء والأرض بالإتيان، وامتثالهما، أنه أراد تكوينهما فلم يمتنعا عليه، ووجدتا كما أرادهما، وكانتا في ذلك كالمأمور المطيع، إذا ورد عليه فعل الآمر المطاع، وهو من المجاز الذي يسمى تمثيلا، ويجوز أن يكون تخييلا، ويعني الأمر فيه على أن الله تعالى كلّم السماء والأرض، وقال لهما ائتيا شئتما ذلك أو أبيتماه، فقالتا: أتينا على الطوع لا على الكره، والغرض تصوير أثر قدرته في المقدورات لا غير» [7].
وهذه هي طريقة القرآن الكريم في تصوير الجوامد، حية شاخصة، بإضفاء الصفات الإنسانية عليها، كي تكون أكثر إيحاء، وأشد تأثيرا في النفس الإنسانية.
أما صورة السماء وهي دخان، فهي صورة غيبية، لا نعرف ماهيّتها، وإن كانت الصورة توحي بأن الكون الخارجي كان غازا، أو دخانا، وهو ما يسمى عند العلماء ب «السديم».
يقول الدكتور أحمد زكي: «إن نظرية الخلق تقول: إن المجرة كانت من غاز وغبار ومن هذين تكونت بالتكثيف النجوم، وبقيت لها بقية، ومن هذه البقية كانت السدم، ولا يزال من هذه البقية منتشرا في هذه المجرة الواسعة، مقدار من غاز وغبار يساوي ما تكونت منه النجوم، ولا تزال النجوم تجرّ منه بالجاذبية إليها» [8]. [6] انظر الإنصاف فيما تضمنه الكشاف من الاعتزال الوارد في هامش الكشاف: 2/ 451. [7] الكشاف: 3/ 445 - 446. [8] في ظلال القرآن: 5/ 3114. نقلا عن كتاب «مع الله في السماء» لأحمد زكي.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 204