responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 203
الحس، لكي تزداد الصورة ضخامة واتساعا في الحس والشعور والخيال. وإذا قارنا بين هذه الصورة الكونية الضخمة، والصورة البشرية، نلاحظ ضآلة البشر أمام خلق السماوات والأرض.
وتمضي الصورة القرآنية في رسم المشاهد الكونية، وهي في حالة تسبيح لله الخالق، حتى تلقي في حسّ الإنسان الرهبة والخشوع أمام هذه المشاهد يقول الله تعالى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ الإسراء: 44.
وصورة هذا التسبيح الكوني على هذا النحو المثير «تدلّ على الصانع وعلى قدرته، وحكمته، فكأنها تنطق بذلك، وكأنها تنزه الله عز وجل مما لا يجوز عليه من الشركاء وغيرها» [4].
فالصورة هنا، تبرز الطبيعة، وهي خاضعة لله، وملتزمة بقوانينه التي وضعها لها، فهي دائمة التسبيح له، من خلال هذا الخضوع لقوانينه الموضوعة. والسير على سننه الكونية.
والتسبيح يضفي على المشهد الكوني، حياة وحركة، وكأنّ هذه المشاهد مخلوقات حيّة تنطق وتتكلم وتسبّح، وذلك لإحياء مشاهد الطبيعة في حس الإنسان وشعوره، كي يتجاوب معها في حركة التسبيح الكونية، ولا يشذ بمفرده عن هذا التسبيح الجماعي للكون من حوله.
يقول الزمخشري في توضيح هذه الصورة: «فإن قلت: فما تصنع بقوله: وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، وهذا التسبيح مفقوه معلوم؟ قلت: الخطاب للمشركين وهم وإن كانوا إذا سئلوا عن خالق السماوات والأرض قالوا: الله إلا أنهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم، فكأنهم لم ينظروا ولم يقرّوا. لأن نتيجة النظر الصحيح، والإقرار الثابت، خلاف ما كانوا عليه، فإذا لم يفقهوا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق. فإن قلت: من فيهن يسبحون على الحقيقة وهم الملائكة والثقلان، وقد عطفوا على السماوات والأرض فما وجهه؟ قلت: التسبيح المجازي حاصل في الجميع، فوجب الحمل عليه، وإلّا كانت الكلمة الواحدة في حالة واحدة محمولة على الحقيقة والمجاز» [5].

[4] الكشاف: 2/ 451، وفي صفوة التفاسير: «السماوات تسبح الله في زرقتها». انظر 2/ 161.
[5] الكشاف 2/ 451.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 203
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست