نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 202
والمضمون الديني فتحقق، متعة الحس، ولذة النفس، وطلاقة الروح، وحرية الخيال حين يسبح في هذا الملكوت الكبير الذي خلقه الله سبحانه بتناسق عجيب، ونظام وانسجام.
ويتعمد تصوير الطبيعة على نظام العلاقات أيضا، لتحقيق وحدة الصورة الفنية، ووحدة الأثر الديني. فالمشاهد المصورة، تترابط في السياق، عن طريق التناظر، أو التقابل، ويتفاعل فيها التعبير والتصوير، لتوضيح الرؤية الإسلامية، لهذا الكون البديع.
فمشاهد السماء تضم النجوم، والشمس، والقمر، وحركة الأفلاك، ومشاهد الأرض تحيط بها مشاهد السماء، وتعاقب الليل والنهار، وفيها الجبال، والمياه، والأنهار، والبحار، والنبات، والأشجار، ومشاهد السحاب، والأمطار، والرياح ... إلخ.
وبين هذه المشاهد علاقات سياقية، وروابط فكرية، وتصويرية تجعلها، كلّها تشكّل مجموعة موحّدة تدور في حركة متناسقة منسجمة في التصوير، كما هي في الواقع المنظور، وتسير في حركة تصويرية باتجاه وحدة الصورة القرآنية، ووظيفتها الدينية الأساسية.
وهذه المشاهد الطبيعة، يراها الإنسان في الصباح والسماء، ولكنه لا يلتفت إليها غالبا، ولا يدرك اليد التي أبدعتها، لأن الإلف أو الاعتياد، بلّد حسه، وجمّد شعوره، فلم يعد يهتزّ حين يراها أو يلتفت إلى الخالق سبحانه الذي أبدعها.
فجاءت الصورة لتحيي هذه المشاهد الطبيعة في حس الإنسان وشعوره، وكأنه يراها لأول مرة، وتعمل على إيقاظ حسّه، ليدرك ما وراء هذه المشاهد المحسوسة، من قوة خالقة لها، ومدبرة لشئونها، ومنظّمة لأجزائها، حتى تكون بهذا الجمال، وهذا الكمال.
وإذا تأملنا تصوير الطبيعة في القرآن، نلاحظ أن السماء يكثر ورودها، مرتبطة بذكر الأرض معها غالبا. ويرجع ذلك إلى أن السماء تحيط بالأرض، فيراها الإنسان دائما، كما أنها تتسم بالضخامة والاتساع والجمال. مما يؤثر في حس الإنسان ووجدانه.
يقول الله تعالى في وصف المساء والأرض: لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ غافر: 57.
فهذه الصورة الكونية الصخمة، المرسومة للسماء والأرض، تشغل مساحة واسعة في المكان، كما تحتل مكانة واسعة في الحس والشعور، وهي أكبر دليل على خلق الناس.
وتتفاعل صورة السماوات والأرض في السياق، عن طريق التجاور في التعبير، والتقابل في
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 202