قضاءها كقوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ} أي أردت تراءته. وإذا كان المراد هذا.
وقد قال: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا}. فإنما القعود إنما يجوز لعذر الخوف. وأيضًا فقد قال تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} معناه فإذا أمنتم فأدوها قيامًا. وهذا التأويل يصحح [1] حملها على قصر الهيئة. وقال بعضهم حمل قضيتم أردتم القضاء تجوّزٌ. أو المراد أن الله أمركم بالذكر بعد الفراغ من الصلاة ليكون ذكر الله سببًا لنصرتكم. وقد قال تعالى: {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [2]. والمراد بهذا وبقوله تعالى: فإذا اطمأننتم في أمصاركم فأقيموا الصلاة تامة العدد. ويرجح من يحملها على قصر الوصف مذهبه بأن القصر في الوصف تخفيف الركوع والسجود لخوف العدو. وهو القصر الحقيقي. وأما صلاة المسافر ركعتين. فإذا قيل إنّ ذلك فرضه وأن هذا هو أصل الفرض فلا حقيقة للقصر. ولا يطلق إلا توسعًا. كما لا يقال في صلاة الفجر إنها صلاة مقصورة لما كان أصل الفرض فيها ركعتين. ويرجح من يحملها على قصر العدد مذهبه بأن المسافر لما خيّر بين القصر والإتمام كان اختياره لركعتين قصرًا حقيقة. لأنه حذف من العدد اللازم له في الحضر شطره. والاقتصار على بعض العدد هو أولى أن يسمى قصرًا من تخفيف الركوع والسجود. ولأن الإطالة في الركوع والسجود لا تجب. والإطالة وإن شرعت فليست بمحدودة، وكذلك ما يباح في صلاة الخوف من مخالفة الهيثة لا يسمى قصرًا حقيقة. وإذا كان هذا هكذا كان العمل على قصر العدد أولى لا سيما وقد جرى لعمر رضي الله عنه في الآية ما يؤكد هذه الطريقة. فقد خرّج مسلم عن يعلي بن أمية أنه قال لعمر قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}. فقد أمن الناس.
فقال عمر: عجبت مما عجبت منه. فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته [3]. وظاهر هذا أن عمر فهم من الآية قصر [1] وهذا يصح حملها على الهيئة. [2] سورة الأنفال، الآية: 45. [3] رواه ابن أبي شيبة وعبد بن حُميد وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن =