القبلة وحول رداءه [1]. واحتج أبو حنيفة بأنه دعاء فلا يستخب فيه تحويل الرداء كسائر الأدعية. وهذا القياس لو سلمناه ولم نطالب فيه بشروط القياس لم يلزم العمل بموجبه. وترك الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لأجله. وقد ذكر أصحاب المعاني أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما فعل ذلك تفاؤلًا فحوّل رداءه ليتفاءل بانقلاب الجدب خصبًا. وإذا ثبت أن التحويل مشروع فصفته عندنا ما قال [2] مالك: يحول رداءه ما على الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن، ولا يقلبه فيجعل الأعلى للأسفل والأسفل للأعلى. وقد ذكرنا قوله في المختصر يجعل ما على ظهره منه يلي السماء *وما كان يلي السماء* [3] يجعله على ظهره. وقال ابن الماجشون يحوّل رداءه من ورائه يأخذ ما على عاتقه الأيسر ويمر به من ورائه فيضعه على منكبه الأيمن، ويجعل ما على عاتقه الأيمن على الأيسر. ويبدأ بيمينه في العمل. وقالت الشافعية التحويل أن يجعل ما على عاتقه الأيمن على الأيسر وما على الأيسر على الأيمن. والتنكيس أن يجعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه. وقال في القديم يحول رداءه ولا ينكسه. وقال في الجديد يحوله وينكسه إن أمكنه.
وروى الشافعي بإسناده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان عليه خميصة سوداء فأراد أن يجعل أسفلها أعلاها، فلما ثقلت عليه جعل ما على عاتقه الأيسر على عاتقه الأيمن، وما على عاتقه الأيمن على عاتقه الأيسر [4]. قال الشافعي فأحب أن يفعل ما فعل [5] النبي - صلى الله عليه وسلم - وما أراد أن يفعله ولم يمكنه. قالوا: ووجه قوله في القديم وبه قال مالك وأحمد ما روي أنه - صلى الله عليه وسلم - استقبل القبلة وحوّل رداؤه [6]. وإذا ثبت أن التحويل مشروع على الجملة فهل يخاطب به من خلف الإِمام أم لا؟ أما النساء فلا يحوّلن لئلا ينكشفن. وأما الرجال فقال مالك في المدونة يحوّل الناس [1] تقدم تخريجه قريبًا. فيما رواه أحمد وابن ماجة والبيهقي. نيل الأوطار ج 4 ص 28. [2] ما قاله - قل. [3] ما بين النجمين = ساقط -و-. [4] الشافعي في الأم ج 1ص 222. [5] مافعله - قل. [6] مالك في الموطأ. كتاب الاستسقاء ح 1. والبخاري فتح الباري ج 3 ص 151.