أرديتهم وهم قعود. وقال الليث لا يحول المأموم. وقيل [1] قال عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وأبو يوسف يستحب ذلك للإمام دون المأمومين. فوجه تحويل المأمومين الاقتداء بالإمام. وقد حوّل النبي - صلى الله عليه وسلم -. وما شرع له فالظاهر أنه شرع لغيره إلا ما خصه الدليل. ووجه نفي [2] تحويل المأمومين أن الأحاديث إنما ردت بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حوّل وحده. واختلف في الوقت الذي يحوّل فيه الرداء.
فقال في المدونة إذا فرغ من الخطبة واستقبل الاستسقاء. وقال في المجموعة بين الخطبتين. وقال ابن الماجشون بعد صدر من الخطبة. وقد ذكرنا قول مالك أنه إذا فرغ من الخطبة استقبل القبلة فحوّل رداءه ثم يستسقي الله ويدعو.
قال القاضي أبو محمَّد في غير كتابه هذا: اختلف أصحابنا متى يحوّل الإِمام وجهه إلى القبلة فيدعو. فقال مالك إذا فرغ من خطبتيه جميعًا. وقال أصبغ إذا أشرف على الفراغ من خطبته الثانية استقبل القبلة للدعاء، فإذا فرغ أقبل على الناس بوجهه فأتم الخطبة ثم نزل. فوجه قول مالك أن من المكروه قطع الخطبة لغيرها والتشاغل بما سواها. ووجه قول أصبغ أن المسنون في الاستسقاء خطبتان لا زيادة عليهما. فإذا أتى بالدعاء بعد الفراغ منهما كان ذلك زيادة مستأنفة. فكان الأولى أن يؤتى بها في أثناء الخطبة. واختلف هل يخطب ويستسقي على المنبر؟ فمنع ذلك في المدونة لأنه يوم تظهر فيه الاستكانة والخضوع. والخطبة على الأرض أقرب إلى ذلك، وأجاز ذلك في المجموعة. فإذا فرغ من الاستسقاء فقال مالك في المختصر ينزل وينصرف. وقال ابن حبيب إذا حوّل رداءه يرفع يديه ظهورهما إلى السماء ويفعل الناس مثله وهم جلوس ويبتهلون بالدعاء، وأكثر ذلك الاستغفار حتى يطول ذلك ويرتفع النهار. ثم إن شاء الإِمام انصرف على ذلك، وإن شاء تحوّل إليهم فكلمهم بكلمات ورغبهم في الصدقات [3] والتقرب إلى الله العلي ثم ينصرف.
وأما وقت صلاة الاستسقاء فقال مالك صلاة الاستسقاء ضحوة لا غير [1] ساقطة - قل. [2] نفي = ساقطة -و-. [3] الصدقة - قل.