responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب    جلد : 1  صفحه : 245
الفطرة السوية، ووقفت عند ظاهرة التعارض السطحي، وتحركت تفلسف التناقض وجنحت إلى طرفيه، فالتزمت إحداها طرف الفردية وفسرت الحياة والمجتمع من خلاله، وصاغت النظام بتأثير منه، والتزمت إحداها الطرف المقابل، وجاءت بتفسير للحياة ونظامٍ لها على النقيض من الآخر، واتسعت شقة الخلاف واحتدم الصراع.
أما الإسلام -وهو دين الفطرة- فقد جاء يوفق بقدر ما في طاقة البشر بين النزعتين الأصيلتين: الفردية والجماعية، ويغذيهما معًا، ويجعلهما متساندتين بدلًا من أن تكونا متنازعتين. ولا يعد الإسلام تغذية إحدى النزعتين إساءة إلى الأخرى، أو إسقاطًا لها من الحساب، بل ينظر إليهما معًا. مقررًا حاجة الحياة إليهما بباعث الفطرة التي لا يمكن أن تستقيم بإحداهما دون الأخرى، ولذلك لا يكبت أيًّا منهما، ويلقي على الفرد والجماعة عددًا من المسئوليات والتبعات، لصياغة الفرد والجماعة على أساسٍ من التوازن الدقيق، والتعاون الوثيق[1].
قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [2].
ويرى الإسلام أن التعاون في المجتمع إنما يقوم على الاختيار بدلًا من الإلزام، وهو ليس قاصرًا على جانب واحد، ولكنه متعدد الجوانب، ويتحقق فيه التوازن والتعادل بين الغنى والفقر، بمعنى انعدام الفجوات القائمة على الشحناء والبغضاء، والحقد والكراهية بين الغني والفقير، ولم تستطع النظم المادية التي تقوم على النزعة الجماعية، وسحق الروح الفردية -بالسطوة والقوة والإلزام- أن تنزع البغضاء والكراهية

[1] انظر "المسألة الاجتماعية" للمؤلف ص182 وما بعدها
[2] المائدة: "2".
نام کتاب : لمحات في الثقافة الإسلامية نویسنده : عمر عودة الخطيب    جلد : 1  صفحه : 245
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست