responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 91
تشبه قطعة الحديد الساكنة، التي يمكن أن تحتفظ بصورتها التي تكون عليها فترة غير قصيرة من الزمان. بل إن قطعة الحديد ذاتها، وهي لا تنفعل ولا تتحرك في داخلها لها حوافظ تحفظها من أن تتبعثر ذراتها مرة أخرى، كما كانت من قبل!
والنفس البشرية أولى - بانفعالاتها وأشواقها وجواذبها - أن تتبعثر مرة أخرى، إذا لم تقم حولها الحوافظ التي تحفظها من التبعثر، والتي تعمل على إعادة ترتيب ذراتها، كلما همت أن ينفرط نظامها من جديد.
وكما أن قطعة الحديد لا تفقد كل مغنطيسيتها إذا تركت مدة بلا حوافظ، ولكن تضعف فيها المغناطيسية بالتدريج، فكذلك النفس التي آمنت، لا يضيع إيمانها كله إذا تركت طويلاً بلا حوافظ، ولكن يضعف إيمانها بالتدريج حتى يصبح إيماناً غير فاعل، وغير قادر على التماسك، حتى كأنه غير موجود في عالم الواقع. وهنا تبدو الحاجة الملحة إلى التربية على الإيمان، وليس مجرد الإيمان.
إن النفس البشرية تعاني في حياتها الدنيوية حركة موارة دائبة في كيانها، هي التي تحدثها الشهوات التي ورد ذكرها في كتاب الله المنزل: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران: 14) .
وقد ذكرنا من قبل أن هذه الحركة الموارة الدائبة في داخل النفس - والتي من طبيعتها أن تدفع الإنسان إلى أعمال معينة وسلوك معين - هي نقطة الابتلاء الذي يعانيه الإنسان في حياته الدنيا، والذي تفترق فيه نفس عن نفس، وسلوك عن سلوك: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (الكهف: 7) .
وقد أجملت الآية الكريمة ذكر الشهوات التي تتحرك داخل النفس وتحركها إلى أعمال معينة وسلوك معين، لأن المجال ليس مجال التفصيل. [1] ولكن انفعالات الإنسان وأشواقه وهواتفه وجواذبه لا تكاد تحصى، ولا تكاد تنتهي، ولا تكاد تكف

[1] ورد التفصيل في آيات أخرى، وفي كثير من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست