responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 110
وتلقين لكي يعلم أن الفاعل قائم بالعمل، نعم، ولكن وراء ذلك قدر الله؟ وحين يعلم ذلك، ويستقر في خلده حتى يصبح يقيناً، فلمن يتجه ليرفع عنه البلاء؟ هذا هو الدرس من وراء التوجيه. ولا يتنافى ذلك في حس المؤمن مع اتخاذ الأسباب، ولكن دون اتكال على الأسباب، ودون اعتقاد بأن الأسباب تعمل من ذات نفسها؛ إنما هي تعمل بقدر من الله، وفي الحدود التي قدرها الله، ويظل التطلع دائماً إلى المدبر الحقيقي وراء الأحداث والأشخاص، الله الذي بيده ملكوت كل شيء.
وكان من مقتضيات لا إله إلا الله في ذلك الحين - وفي كل حين- الإخوة في الله، والحب والبغض في الله، والولاء والبراء في الله. وكانت تلك كلها بالنسبة للبيئة العربية، ولكل بيئة جاهلية في القديم والحديث، أموراً مخالفة ومغايرة لعرف البيئة. ففي الجاهلية العربية كان رباط الدم هو الرباط الثابت الدائم الوثيق، وكل رباط غيره إما ضعيف منقطع وإما غير موجود أصلاً. وفي الجاهليات الحديثة أصبح البديل من رابطة الدم القريبة المحصورة رابطة القومية والوطنية التي تفاخر بها تلك الجاهليات وتتعصب لها على نفس الصورة التي كانت تفاخر بها الجاهلية العربية وتتعصب بها لرابطة الدم المتمثلة في القبيلة. اختلاف في مدى السعة لا في الجوهر
أما الحب والبغض في الجاهلية العربية وفي كل جاهلية فمداره المصالح، وهي في الأغلب المصالح المادية القريبة، ومداره من جهة أخرى ((الأنا)) : أنا، وكرامتي، ومالي، وسلطاني، وقومي وأتباعي إن كنت من ((الملأ)) ، أو سادتي إن كنت من المستضعفين
وأما الولاء والبراء فهو صنو الحب والبغض، لا ضابط له إلا تلك المصالح التي تكون اليوم هنا وتكون غداًَ هناك. فهو لذلك دائم التقلب لا يثبت على حال، وصداقات اليوم قد تنقلب غداً عداوة، وعداوات اليوم قد تنقلب غداً صداقة، لا لتغير في المبادئ، ولا في القيم، ولكن لتغير المصالح المؤقتة التي لا تثبت على حال. والجاهليات كلها في هذا الشأن سواء‌

نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست