responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 109
الله وقدره، والإيمان بأنه هو وحده المدبر، هو وحده المقدر، هو وحده الفعال لما يريد، هو وحده الرزاق، هو وحده الضار النافع، هو وحده المحيي المميت، هو وحده المالك لكل شيء وكل أمر، هو المتصرف وحده في الكون وفي الناس، لا يكون شيء إلا بأمره، ولا يكون شيء حتى يشاء سبحانه.
فهل كان مجرد التصديق بلا إله إلا الله والنطق بها يحدث ذلك الإيمان في النفوس؟ أم يحتاج إلى التعليم والتلقين والتدريب والتوجيه؟ وهل يكفي لترسيخ ذلك الإيمان كلمة أو كلمات أو درس عابر أو دروس؟ إنها ليست نظرية تدرس وتحفظ، ويسأل فيها الإنسان فيجيب بلسانه، إنها معاناة واقعية، تصطدم في كل لحظة برغبة من رغبات النفس، أو شهوة من شهواتها، أو هاجس من هواجسها، أو تجربة مريرة يمر الإنسان بها، ثم يتعلم من خلال المعاناة، ويحفظ الدرس، لا بعقله فقط ولا بوجدانه فقط، بل بأعصابه وجسده وروحه وكيانه كله.
ضربت هذا المثل في كتاب سابق: [1] إذا سألت أي إنسان في الطريق: من الذي يرزقك؟ يجيب بداهة: الله هو الرزاق، ولكن حين يضيق عليه في الرزق، أو قل على وجه التحديد: حين يؤذى في رزقه فماذا يقول؟ يقول في أغلب الأحوال: فلان قطع رزقي، أو فلان يريد أن يقطع رزقي‌ فما دلالة ذلك؟ دلالته أن ما كان يبدو بديهية لم يكن كذلك في الحقيقة‌ أو قل: إنه كان بديهية ذهنية لم تتعمق في الوجدان، لم تصبح بعد بديهية قلبية ينبني عليها سلوك‌ أو تنبني عليها المشاعر الصحيحة التي ينبني عليها بعد ذلك سلوك صحيح‌
لفت نظري أمر وأنا أقرأ خطاب الله لبني إسرائيل في سورة البقرة: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} (البقرة: 49) .
العذاب واقع من فرعون: يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم، ولكن الابتلاء واقع من الله‌ هل يرد هذا الخاطر على الذهن بداهة حين يرى العذاب أو يسمع عنه؟ أم يتجه الذهن إلى الفاعل المباشر الذي يقع الفعل منه؟ ويحتاج الإنسان إلى تعليم

[1] كتاب ((واقعنا المعاصر))
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست