responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 108
وما أشق السخرية على قلب من يؤمن بالحق، ويعلم أنه الحق وأنه خير وأنه هدى وأنه نجاة وأنه فلاح، وأن الساخرين في الضلال البعيد. وأوذي بالدعاية المضادة والتشهير والتنفير ومحاولة صرف الأتباع، بل محاولة صرف الناس عن مجرد السماع. وأوذي الإيذاء البدني والحسي. إن قذفه بالأحجار حتى تدمي قدماه الشريفتان، وإن بنشر الشوك في طريقه كما فعل أبو لهب وامرأته حمالة الحطب، وإن بإلقاء الأوساخ عليه وهو ساجد يذكر ربه، وإن. وإن.
ولا يزيده ذلك كله إلا استمساكاً بالحق، وإصراراً عليه. وتعرض عليه المغريات كلها التي تغري الناس في الحياة الدنيا، الملك والسلطان والمال والجاه والمتاع، فيقول لعمه وقد شكاه قومه إليه: «والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في شمالي، على أن أترك هذا الأمر ما فعلت، حتى تنفرد سالفتي» أو قال: «حتى أهلك دونه» [1] .
وهكذا يلقن الدرس لأصحابه، لا مجرد كلمات، وإن كانت الكلمات مطلوبة للبيان، ولكن سلوكاً عملياً يشرح الكلمات، ويحولها إلى حقائق مشهودة في عالم العيان.
وكان من مقتضيات لا إله إلا الله في ذلك الحين، وفي كل حين، امتلاء القلب بحب الله، واستشعار عظمته سبحانه وتعالى، والتعلق به، والتطلع إليه، والتوجه إليه في كل سلوك وكل شعور. فهل كان مجرد الإيمان، أي التصديق بأنه لا إله إلا الله، والنطق بها، يؤدي تلقائياً إلى ذلك التوجه وذلك السلوك؟ أم يحتاج الأمر إلى تعليم وتلقين، وتدريب وتوجيه؟
ومن يوجه ويعلم إلا المربي صلى الله عليه وسلم؟ لا بمجرد كلمات تلقى، ولكن بسلوك عملي يراه الأصحاب، ويتملونه ويتعلمون منه، إذ يرونه في كل لحظة ذاكراً لربه، متوجهاً إليه، متطلعاً لرحمته، متذللاً متضرعاً تائباً منيباً لا يفتر لسانه عن الدعاء، ولا قلبه عن الذكر.
وكان من مقتضيات لا إله إلا الله في ذلك الحين، وفي كل حين، الإيمان بقضاء

[1] انظر كتب السيرة.
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 108
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست