responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 111
ولم يكن مجرد الإيمان - بمعنى التصديق- بلا إله إلا الله، والنطق بها، ليؤدي تلقائياً إلى تغيير جذري في تلك الأمور كلها، التي يساندها عرف الجاهلية، وأوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والأخلاقية. وإن كان الإيمان بلا إله إلا الله يهيئ دون شك للتغير وتقبل التغيير. أما المعايير الجديدة، والقيم الجديدة، والأوضاع الجديدة التي يراد بناؤها فلا تتأتي تلقائياً، ولا تتم في لحظة، ولو كانت لحظة الإيمان، وإنما تنبي لبنة لبنة حتى يستقيم بها البناء الجديد.
وذلك تقوم به التربية.
وذلك ما قام به المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم، في دأب، وحدب، ورعاية، ومتابعة حتى وصل به إلى تلك القمم السامقة، فأصبحت الإخوة في الله أقوى في نفوس القوم من رابطة الدم، وأصبح الحب والبغض لا علاقة له بالمصالح الأرضية، بل هو معها في موضع التقابل الكامل، والكفة الراجحة هي لما كان لله وفي الله، وأصبح الولاء والبراء مرتبطاً بالقيم الإيمانية وحدها، خالصاً لله.
وكان من مقتضيات لا إله إلا الله في ذلك الحين، وفي كل حين، مجموعة من الفضائل الخلقية العالية، كان بعضها موجوداً في البيئة العربية ولكن الجاهلية كانت قد أفسدته فحرفته عن مساره السوي. كالشجاعة التي كانت الجاهلية قد حمية جاهلية، كما جاء في سورة الفتح [1] . والكرم الذي كانت الجاهلية قد حرفته عن مساره السوي، فأصبح إنفافاً للمال رئاء الناس، كما جاء في سورة البقرة، [2] فلزم تصحيح مسارها، وردها إلى أصلها السوي في الفطرة، لكي تكون لله، وفي الله. وبعضها لم يكن موجوداً في الجاهلية العربية، ولا يمكن أن يوجد في أي جاهلية، كمنع التظالم بين الناس، وإقامة الحياة على القسط والعدل، لا على قانون الذئاب، واحترام الإنسان من حيث هو إنسان، بصرف النظر عن جنسه ولونه

[1] ((إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية، حمية الجاهلية)) (سورة الفتح: 26)
[2] ((كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين)) (سورة البقرة: 264)
نام کتاب : كيف ندعو الناس نویسنده : قطب، محمد    جلد : 1  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست