فكل سنة زائدة عما فى القرآن الكريم عند من يرى استقلال السنة بالتشريع هى عنده لها أصل فى القرآن الكريم، ويدخلها فى السنة البيانية، ولم ينازع فى حجيتها، ووجوب العمل بها خلافاً لمن تأول كلامه فى هذه المسألة، ومسألة (استقلال السنة بالتشريع) ونازع فى الحجية.
... وهنا نرى أنه ليس فى حقيقة الأمر خلاف! وإنما هو إن صح التعبير، صورة خلاف اعتبارية لمدارك بعيدة كل البعد عن منزلة السنة التشريعية، وحجيتها، ووجوب العمل بها. وتتلخص هذه المدارك فيما كان عليه السلف الصالح إذا عرض عليهم قضاء، يبحثون أولاً فى كتاب الله عز وجل، فإذا لم يجدوا فى كتاب الله، انتقلوا إلى السنة المطهرة [1] .
وهل فى ذلك ما يخدش فى أصل مسألتنا وهى: أن القرآن والسنة فى مرتبة واحدة، فى الاحتجاج ووجوب العمل بهما؟
... وإلى ذلك ذهب الأستاذ محمد سعيد منصور ثم قال: "وجملة القول: أن السنة إذا صحت تكون منزلتها ومنزلة الكتاب، سواء بسواء فى الاعتبار، والاحتجاج عند المجتهدين عامة" [2] أ. هـ.
... ويقول المستشار الدكتور على جريشة رداً على من وهن من رتبة السنة المطهرة فجعلها فى مستوى المذكرة التفسيرية بالنسبة للقانون، قال: "السنة ليست مذكرة تفسيرية، لأن المذكرة التفسيرية لا يمكن أن ترتفع إلى نفس مرتبة التشريع، بل وتحوى أى إلزام، والسنة غير ذلك … ترتفع مع الكتاب إلى أن تكون المصدر الرئيسى للشرعية. [1] المصدر نفسه 4/393. [2] منزلة السنة من الكتاب ص 481 بتصرف يسير.