وربما كان مرجع الشبهة أن السنة فى جزء كبير منها مبينة للكتاب …، لكن بيان السنة منه التخصيص، والتقييد، والتأكيد، ثم التفصيل والتفسير …، إلى جواز السنة الزائدة التى تأتى بأحكام مستقلة … وفى الجزء المفسر، والمفصل يتوافر الإلزام كما يتوافر للقرآن…، ولا تهبط السنة إلى مستوى عدم الإلزام، كما تهبط المذكرة التفسيرية للقانون ([1]) ".
ومما يؤسف له أن بعض علماء المسلمين قد أساؤا فهم الإمام الشاطبى فى مسألتنا هذه، ومسألة استقلال السنة بالتشريع، فأنكروا السنة الزائدة، كما اتخذ أعداء السنة المطهرة من كلام الشاطبى فى المسألتين ستاراً، للتشكيك فى حجية السنة النبوية واستقلالها بتشريع الأحكام أ. هـ.
استقلال السنة بتشريع الأحكام
... لا يقتصر دور السنة على بيان ما فى القرآن الكريم فقط، فتؤكده تارة، أو تفصل مجمله، وتقيد مطلقه، وتخصص عامه، وتوضح مشكله، تارة أخرى.
... نقول: لا يقتصر دور السنة على ذلك فقط - رغم أهمية هذا وخطورته، بل لها مهمة أخرى جليلة وعظيمة. وهى أنها تؤسس أحكاماً على جهة الاستقلال وهذا ما عنيناه بالمهمة الثالثة للسنة فى تقسيمنا السابق [2] . إذ أن فى السنة أحكاماً كثيرة جديدة لم ترد فى القرآن لا نصاً ولا صراحة، ويتفق العلماء أجمع على وجود تلك الأحكام، ولكنهم يختلفون خلافاً لفظياً حول تسمية تلك الأحكام التى استقلت السنة المطهرة بتأسيسها.
... فالجمهور من العلماء يقولون: إن هذا هو الاستقلال فى التشريع بعينه؛ لأنه إثبات لأحكام لم ترد فى الكتاب. [1] مصادر الشريعة الإسلامية مقارنة بالمصادر الدستورية ص 32، 33. [2] تيسير اللطيف الخبير للدكتور مروان ص 36، 37.