وبعد
فإن أصول المعتزلة على اختلافها كان لها أسوء الأثر على الإسلام ورواته حيث وقف المعتزلة بأصولهم من الوحى قرأناً وسنة، ومن الصحابة موقف التحدى، فإذا بدا خلاف فى ظاهر النصوص وبين أصولهم أو رأى لا يرونه أولوا النص بما يخرج عن معناه الحقيقى إلى ما يوافق رأيهم [1] .
وعن خطورة تأويلهم آيات القرآن الكريم بما يوافق أصولهم يقول الإمام الأشعرى: إن كثيراً من الزائغين عن الحق من المعتزلة، وأهل القدر، مالت بهم أهواؤهم إلى تقليد رؤسائهم، ومن مضى من أسلافهم، فتأولوا القرآن على آرائهم تأويلاً لم ينزل به الله سلطاناً، ولا يصح به برهاناً، ولا نقلوه عن رسول رب العالمين، ولا عن السلف المتقدمين [2] .
ويقول فضيلة الدكتور أبو شهبة - رحمه الله -: المعتزلة من أعظم الناس كلاماً وجدالاً، وقد صنفوا تفاسيرهم على أصول مذهبهم، مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم، شيخ إسماعيل بن عليه، الذى كان يناظر الشافعى، ومثل كتاب أبى على الجبائى، والتفسير الكبير للقاضى عبد الجبار بن أحمد الهمدانى والكشاف لأبى القاسم الزمخشرى. والمقصود: أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأياً، ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه، وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين فى رأيهم، ولا فى تفسيرهم، وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة، وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد قولهم، وتارةً من العلم بفساد ما فسروا به القرآن ... ، ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحاً، ويدس السم فى كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون، كصاحب الكشاف ونحوه، حتى أنه يروج على خلق كثير من أهل السلف، كثير من تفاسيرهم الباطلة] أ. هـ. [3] .
ولا يقف خطر أصولهم عند تأويلهم القرآن الكريم مما لم ينزل به الله سلطاناً، وإنما كان لهذه الأصول خطرها الأعظم على السنة المطهرة، فما تعارض من الأحاديث الصحيحة مع هذه الأصول، إما يؤولونه تأويلاً يشبه الرد، [1] انظر: موقف المعتزلة من السنة ومواطن انحرافهم عنها للدكتور أبو لبابة ص 43، 73، 97، والخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية للدكتور محمد عمارة ص 212-215. [2] الإبانة للأشعرى ص 14. [3] الإسرائيليات والموضوعات فى كتب التفسير، ص 114، 115.