والإمام ابن قتيبة [1] فى كتابه (تأويل مختلف الحديث) وقد أغنانا فى الرد على النظام ومن ذهب مذهبه وعلى كل دعاويه واتهاماته الباطلة لصحابة سيدنا رسول الله رضي الله عنهم بما لا يدع مجالاً للشك فى تهافت فكرهم وتفاهة رأيهم، وتحقيراً لشأنهم، الإمام ابن قتيبة [2] .
وهكذا يظهر واضحاً أن المعتزلة ما بين شاك فى عدالة الصحابة، منذ عهد فتنة سيدنا عثمان رضي الله عنه وما بين موقن بفسق إحدى الطائفتين لا بعينها، وما بين موقن بفسقهما معاً، وما بين طاعن فى أعلامهم، متهم لهم بالكذب والجهل والكفر والنفاق كالنظام. مع أن رؤساءهم وخاصة الذين طعنوا منهم فى الصحابة - كانوا من الرقة فى الدين بحيث يصف أحدهم وهو ثمامة بن أشرس - جمهور المسارعين إلى الصلاة بأنهم "حمير": وكانوا من الشعوبية والكره للعرب بحيث يقول ثمامة نفسه: "انظر إلى هذا العربى يعنى محمد صلى الله عليه وسلم. ماذا فعل بالناس؟ فماذا ننتظر من هذا الشعوبى الماجن أن يقول عن صحابة رسول الله رضي الله عنهم؟ وماذا ننتظر أن يكون رأيه فى السنة التى حققها أئمة الحديث ومحققوهم [3] ؟
ولا يقف قدح المعتزلة عند الصحابة فقط، بل يمتد إلى القدح فى التابعين رضي الله عنهم وفيمن اتفق الأئمة من المحدثين على عدالتهم وإمامتهم. وربما ردوا فتاويهم وقبحوها فى أسماع العامة لينفروا الأمة عن إتباع السنة وأهلها [4] وسيأتى تفصيل ذلك والجواب عنه فى مبحث عدالة أهل السنة.
1) ابن قتيبة: هو عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينورى أو المروزى، أبو محمد وقيل أبو عبد الله، كان ثقة ديناً فاضلاً، عالماً باللغة، والنحو، وغريب القرآن، ومعانيه، والشعر، والفقه، من مصنفاته: تأويل مشكل القرآن، وتأويل مختلف الحديث، والمعارف. وغير ذلك. مات سنة 276هـ. له ترجمة فى: تاريخ بغداد 10 /170 رقم 5309، وميزان الاعتدال 2 /503 رقم 4601، والفهرست لابن النديم ص123، والبداية والنهاية 11 /48، وتذكرة الحفاظ 2/633، ووفيات الأعيان 3 /42 رقم 328، وطبقات المفسرين للداودى 1 /251 رقم 234 [2] تأويل مختلف الحديث ص 33 - 44. [3] السنة ومكانتها فى التشريع ص6، وانظر: تأويل مختلف الحديث ص 54، وانظر: ما قاله الأئمة عن فساد دين رؤوس المعتزلة فى تأويل مختلف الحديث ص 28، والفرق بين الفرق ص 143. [4] الاعتصام 1 /186 وما بعدها.