وإما يصرحون بالرد بحجة أن الخبر آحاد، والآحاد لا يحتج بها فى العقائد [1] ، وهم فى كل ذلك يتطاولون على رواة السنة ويطعنون فيهم سواء من صحابة رسول الله رضي الله عنهم أو من التابعين، فمن بعدهم من أئمة المسلمين.
وفى مواقف المعتزلة من الكتاب والسنة والصحابة، وجد أعداء الإسلام وأعداء السنة المطهرة، ثغرات يلجون منها فى الكيد لدين الله عزَّ وجلَّ - قرآناً وسنة - بما وجدوه من ثروة طائلة من السخافات والمثالب، فصوروا الإسلام فى صورة الخرافات، وطعنوا بدورهم فى أئمة المسلمين وتاريخهم وحضارتهم المجيدة، وقد اغتر بهم الجهلة فى عصرنا الحاضر ونسجوا على منوال أساتذتهم، ورموا علماء المسلمين فى كل عصر بكل نقيصة وبهتان، والله يشهد إنهم لكاذبون [2] .
فالمستشرقون، ودعاة التغريب، واللادينية، وهم يهاجمون السنة اليوم، ويثيرون حولها الشبهات اهتموا بالاعتزال والمعتزلة، لأنهم وجدوا فيهم منهجاً له أثره فى إفساد الفكر الإسلامى على العموم، وإبطال حجية السنة وتعطيلها على الخصوص، ويبدوا هذا واضحاً فى إحيائهم للفكر الاعتزالى والثناء عليه، ووصفهم للمعتزلة بأنهم أغارقة الإسلام الحقيقيون، أو وصفهم بالمعتزلة العظام، أو المفكرون الأحرار فى الإسلام [3] .
يقول الدكتور أحمد أمين: وفى رأيى أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة، وعلى أنفسهم جنوا [4] .
ومن هنا ندرك خطورة تأثر بعض علماء المسلمين الأجلاء من رواد المدرسة العقلية الحديثة بالفكر الاعتزالى ومنهجه فى تعامله مع النصوص قرآناً [5] ، وسنة [6] ، [1] سيأتى بالبرهان الواضح أن القضية مع المعتزلة فى العقائد ليست قضية متواتر وآحاد، وإنما قضية أصولهم فهى الأصل، والقرآن والسنة الفرع، بدليل تأويلهم لآيات القرآن المتواترة فى أحاديث العقائد لتعارضها مع أصولهم، ولو صدقوا فى دعواهم بأن الآحاد لا يؤخذ بها فى العقائد، فلماذا يؤولون تأويلاً أشبه بالرد، الآيات المتواترة فى العقائد؟ انظر: موقف المعتزلة من السنة ومواطن انحرافهم عنها للدكتور أبو لبابة حسين ص 97، 98. [2] انظر: الحديث والمحدثون للدكتور محمد أبو زهو ص 332 بتصرف، والسنة ومكانتها فى التشريع ص142، والضوء اللامع المبين عن مناهج المحدثين للدكتور أحمد محرم الشيخ1 /189-196. [3] انظر: العقيدة والشريعة لجولدتسيهر ص 100 - 102، 118 - 120، وانظر: تراث الإسلام لجوزيف شاخت ص 203، 218، ودراسات فى حضارة الإسلام لهاملتون جب ص 268 - 269، 274، ودائرة المعارف الإسلامية ص 576، 580، 584. [4] ضحى الإسلام 3 /207. [5] انظر: منهج المدرسة العقلية الحديثة فى التفسير للدكتور فهد الرومى. [6] انظر: موقف المدرسة العقلية من السنة النبوية للأستاذ الأمين الصادق الأمين.