(وأقول: إن هذا كان من مذاهب العرب في الجاهلية، فكان الرجل منهم إذا خدرت رجله، ذكر من يحب أو دعاه فيذهب خدرها- ثم ذكر الآلوسي بعض أشعار العرب التي تدل على ما قاله-) [1].
ثم قال الآلوسي: (أفيقال: إن هؤلاء الشعراء لما خدرت أرجلهم استغاثوا بمن يحبونه من امرأة أو غلام لا أرى من يقول بذلك إلا من خدر عقله، وتركب جهله) [2].
وأما ما أورده ابن منصور من نقل عن ابن تيمية، فقد أظهر الشيخ عبد اللطيف رحمه الله، تحريف ابن منصور لهذا النص، وكثافة جهله فقال:
(والجواب أن يقال: قد تصرفت في كلام الشيخ، وأسقطت أوله الذي يستبين به مقصوده، وقد تقدم أن هذه حرفة يهودية صار هذا المعترض على نصيب وافر منها..
وقبل هذا النقل قرر شيخ الإسلام في هذه الرسالة التي يشير إليها المعترض أن دعاء الصالحين مع الله، وطلب ما لا يقدر عليه إلا الله، كمغفرة الذنوب، وهداية القلوب وطلب الرزق من غير جهة معينة.. ونحو ذلك مما يصدر ممن يعبد الأموات ويدعو الصالحين، ويستغيث بهم كفر صريح، وشرك ظاهر يستتاب فاعله فإن تاب وإلا قتل.
وبعد تقرير هذا قال: ولكن لغلبة الجهل ... - إلى آخر العبارة التي أوردها المعترض-.
ومراد ابن تيمية بهذا الاستدراك أن الحجة إنما تقوم على المكلفين، ويترتب حكمها بعد بلوغ ما جاءت به الرسل من الهدى ودين الحق ... فمن بلغته دعوة الرسل إلى توحيد الله ووجوب الإسلام له، وفقه أن الرسل جاءت بهذا لم يكن له عذر في مخالفتهم، وترك عبادة الله. وهذا هو الذي يجزم بتكفيره إذا عبد غير الله، وجعل معه الأنداد والآلهة. والشيخ وغيره من المسلمين لا يتوقفون في هذا، وشيخنا رحمه الله قد قدر هذا وبينه وفاقا لعلماء الأمة واقتداء بهم. ولم يكفر إلا بعد قيام الحجة وظهور الدليل، حتى إنه رحمه الله توقف في تكفير الجاهل من عباد القبور إذا لم يتيسر له من ينبهه.
ثم يقول الشيخ عبد اللطيف:
1 "فتح البيان تتمة منهاج التأسيس" ص 376. [2] المرجع السابق ص 376.