الاستغاثة ودعاء غير الله، وصريح كلام الشيخ، وصريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن الولاية لا تثبت بسبب من هذه الأسباب التي أنكرها الشيخ، وألزمه إياها العراقي جهلا وظلما، وإنما تثبت بالإيمان بالله واليوم الآخر والكتب والنبيين والقيام بالواجبات الدينية..، ولو كانت الاستغاثة بغير الله سببا للولاية، ودليلا عليها، للزم القول بولاية كل معبود مع الله من الفاسقين والكهان والشياطين بل والأصنام؛ لأن عبادها قد تقضي حوائجهم، ويخاطبون منها كما ذكره الشيخ وغيره ... ) [1].
ويجيب الشيخ عبد اللطيف على ما نقله داود عن ابن القيم حين ذكر حكاية[2].. فهم منها داود بغير فكر ولا روية، أنها تدل على جواز الاستغاثة بالرسول.. فكان من جواب الشيخ عبد اللطيف:
(والجواب أن يقال ليس في الحكاية جواز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وفاعل ذلك لا يحتج بفعله بإجماع المسلمين، وإنما سيقت العبارة لتقرير نصر الله لأوليائه، وإثابة من نصرهم، ووالاهم، لا لأجل الاستغاثة، وأنها تجوز بغير الله، وأن ذلك صواب. والاستدلال بالحكاية خروج عن موضوعها، وموضوع الكتاب الذي سيقت فيه، وابن القيم نص في غير موضع أن دعاء الموتى هو أصل شرك العالم وأنه من الشرك الأكبر.. إلى آخر ما قاله- رحمه الله-) [3].
وأما جواب الشيخ محمود شكري الآلوسي علامة العراق على ما نقله داود عن الشيخين ابن تيمية وابن القيم، ثم زعم ابن جرجيس أنهما يجوزان "الاستغاثة بالأموات"، وسماها داود- تلبيسا وتمويها- نداء الغائبين.
(والجواب أن يقال: هذا أيضا ليس مما نحن فيه، فإنه ليس نداء بما لا يقدر عليه إلا الله، غاية ما فيه ذكر المحبوب لا طلب شيء منه، ولا استغاثته، وإلا لزم أن كل من ذكر محبوبه قد استغاث به، وبطلانه ظاهر. ولفظ الشفاء: أن ابن عمر خدرت رجله، فقيل له: اذكر أحب الناس إليك فصاح يا محمداه فانتشرت رجله[4]. وهذا يقتضي صحة ما جربه الناس، فإن من أصابه الخدر منهم إذا ذكر محبوبه زال بسهولة، لأنه بمسرته تنتعش الحرارة الغريزية، فيندفع الخدر) [5].
1 "منهاج التأسيس"، ص159.، 160. [2] سبق ذكر هذه الحكاية.
3 "منهاج التأسيس"، ص 179. [4] ضعفه الألباني في تحقيقه لكتاب "الكلم الطيب" لابن تيمية ص 120 كما ضعفه عبد القادر الأرناؤوط في تحقيقه لكتاب "الوابل الصيب" لابن القيم ص 181.
5 "فتح البيان تتمة منهاج التأسيس" ص 375.