النفع والضر في مخلوق ونذر له، أو دعا له، أو استغاث به، وهو صريح في ذلك كفر أكبر يحل الدم والمال، إذا عرفت هذا فقد انتقض على صاحب الرسالة ما طول به، وبذل فيه مجهوده أن أفعال هؤلاء من الشرك الأصغر، زاعما أن ذلك صريح قول ابن القيم وشيخه ابن تيمية الذين قصد الذب عنهم بما هم فيه مصرحون بأنه شرك أكبر، والأدلة القرآنية قاضية بما صرحا به، ولو أراد إنسان أن يجمع ما ورد في هذا المعنى من الكتاب والسنة لكان مجلدا ضخما ... ) [1].
ويزيل الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن اللبس الذي افتعله داود، وادعى من خلال سياقه لنصوص الشيخين أنها تدل على ما يهواه من الغلو في الأولياء وصرف بعض أنواع العبادات - التي يجب أن تكون لله وحده - للموتى.
فيقول الشيخ عبد اللطيف جوابا على ما نقل داود عن ابن تيمية من كتاب "الفرقان"[2].
(والجواب أن يقال: سياق الكلام، ومقتضى التقرير في كلام الشيخ الذي نقله العراقي نفي الولاية بهذه المذكورات، ونفي الاستدلال عليها بالمكاشفة، وخوارق العادة، ورؤية المستغاث به من الغائبين والأموات، والإخبار بما سرق وبحال الغائب والمريض، وقرر أن هذا أو نحوه لا يدل على الولاية أصلا، وأن أولياء الله متفقون على أن الرجل لو طار في الهواء ومشى على الماء لم يغتر به حتى يتقيد بمتابعة الرسول وموافقته لأمره ونهيه. وهذا تصريح من الشيخ بنفي الاستدلال بهذا على الولاية وإبطاله، وليس فيه تسليم مجيء المستغاث به الميت أو الغائب إلى المستغيث، وأنه يقضي حاجته وأنه يستدل به على الولاية كما زعم العراقي ...
والعراقي صرف العبارة عن مدلولها وصدف عنها، ونسب إلى الشيخ ما لا يحتمله كلامه بوجه من الوجوه فبعدا لقوم لا يؤمنون. قال رحمه الله: والطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته، وفي مغيبه ليس مشروعا قط، ولكن كثير من الناس يدعون الموتى، والغائبين من الشيوخ وغيرهم فتمثل لهم الشياطين تقضي بعض مآربهم لتضلهم عن سبيل الله، كما تفعل الشياطين بعباد الأصنام، وعباد الشمس والقمر وتخاطبهم وتتراءى لهم، وهذا كثير يوجد في زماننا وغير زماننا) [3].
ومما قاله الشيخ عبد اللطيف: (واعتقاد الولاية لا يسوغ ولا يجوز بسبب
1 "إيقاظ الوسنان" ق 7. [2] سبق ذكر هذا النقل.
3 "منهاج التأسيس"، ص158.