responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 163
الغربية وسييسيا وإنكلترا وإلى حد ما في أميركا. ولو أني سرت مع التاريخ قليلا ووقفت عند سنة 1900م ونظرت نظرتي السابقة، فإني سأجد البقعة لم تتغير وإنما اتسعت. فكأن الظاهرة بدأت تتسع لأن الإقتصاد في حركة لا تعرف الجمود. فهو قد انتشر شرقا في روسيا وغربا في أميركا. والأمر في سنة 1905 قد انتشر قليلاً عن ذي قبل ولكنه بلغ مساحة كبيرة جداً في سنة 1950. فلو أني رسمت خريطة سنة 1905 لوجدت أن متوسط الدخل السنوي المرتفع قد انتشر من سان فرنسيسكو إلى طوكيو مثلاً. فمتوسط الدخل السنوي فوق 200 دولار لم يتزحزح عن مكانه، وإنما اتسع فقط. فكأنه زلزال حدث في منتصف القرن الثامن عشر أو بدئه، في وسط أوربا بين برلين وباريس ولانكشير ولندن، وامتدت تموجاته واتسعت، ولكنها لم تتسع في جميع الاتجاهات، فكأن التمهوجات موجهة لتتجه في اتجاهات معينة، لو دققنا النظر لوجدناها اتجاهات الحضارة الغربية، فقد اتسع الإقتصاد واتسعت رقعته في خريطة الحضارة الغربية.
ودليلي على ذلك أنني لو رجعت إلى الوراء، لأستخرج هذه المرة خريطة الحضارة الغربية لا خريطة الإقتصاد لسنة 1848 و1900 و1940، لوجدت تطابقا تاما بين الخريطة الإقتصادية وخريطة فكرة الحضارة الغربية، وما ذلك إلا لأن الظاهرة الإقتصادية صورة للحضارة الغربية. فمراحل الظاهرة الإقتصادية هي مراحل الحضارة الغربية فقط. ونستطيع أن نستنتج من هذا التحليل شيئا: فالإنسان الذي لا يكون مجتمعه مجتمع حضارة، معرض للحرمان من الضمانات الاجتماعية. فأنا حينما أحاول تحديد مجتمع أفضل فإننى أحاول تحديد أسلوب حضارة. إذ أنني حينما أحقق الحضارة، أحقق جميع شروط الحياة، والأسباب التي تأتي بمتوسط الدخل المرتفع، بمعنى أنني أحقق الخريطة الإقتصادية، ونتائجها الاجتماعية والثقافية أيضا.
ومن هنا نرى أنه ينبغي أن نبحث المسألة من زاوية واحدة. ولقد كنا من

نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست