responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 158
فالقضية إذن ليست قضية تكديس لأفراد، فنسيمي كل تكديس مجتمعا.
ولقد تورط أهل العلم أنفسهم، أهل علم (الأتنولوجي) في أوربا في هذه التعبيرات الزائفة، فسموا التجمعات البدائية مجتمعات، ولا بأس في هذا إن كان المراد به التعليم وتبسيط الأشياء. أما إذا أردنا أن نعلم الأشياء ونعمل بها فالمفاهيم تتطلب فحصاً أكثر. فلا يجوز لي أن أقول مجتمع بدائي وثقافة بدائية لمجرد أنني سمعت الكلام عن حضارة بدائية وهذا خرافة.
إذن سادتي إذا قررنا أن المجتمع وظيفته حفظ كيان الفرد، وتحقيق أهداف جماعته، فإن هذه الأهداف في مستوى الحشرات حفظ النوع، ولكنها في مستوى الإنسان تفوق ذلك. فالقضية عن المجتمع الإنساني ليست قضية حفظ النوع، لأن التناسل قد وفرته الحياة الطبيعية، فالإنسان يعيش لأهداف أخرى، والمجتمع الإنساني يقرر فكرته في مستوى آخر ليس مستوى البقاء، ولكن مستوى تطور النوع ورقيه، هذه هي حقيقة المجتمع التي ينبني عليها كيانه.
فما هي الأهداف التي من أجلها يتكون المجتمع بالمعنى والاصطلاح الذي نعنيه؟ إننا إذا عبرنا عتها بالنسبة للفرد المسلم، وجدنا القرآن الكريم يعبر عنها بقوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77/ 28] فالحياة الاجتماعية بالنسبة للمسلم لا تنفصل فيها الحياة الدنيوية عن الحياة الأخروية، فالرسول يقول «الدنيا مطية الآخرة» فنحن بالطبع لا نفصل الدنيا عن الأخرى، إذ هي المطية التي نمتطيها للوصول إلى أهداف هي أبعد من الموت. فإذا كانت هناك بعض المجتمعات الحديثة اليوم، تبني المجتمع لغايات اجماعية بحتة ولحياة أرضية بحتة- وأنا لا أقلل من شأن هذه الغايات وإنما أعلم أنها تقف في منتصف الطريق- فإن مجتمعنا يبني لما بعد الحياة، كما يبني لأهداف يحققها لحياة كل فرد. وهذا بالطبع يتطلب من المسلم ومن العربي جهدا أقدر من جهد الآخرين وجهادا أكبر من جهادهم.

نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست