responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 157
التي تعيش معها في الخلية. فلو أنها انفصلت يوماً من الأيام أوفصلاً من الفصول عن الخلية، فإنها ستموت حتما مهما يكن في الطبيعة من زهور، ومهما يكن فيها من طاقات للعمل، لأن الله عز وجل قد ربط كيانها بهذا المجتمع، وأودع في نفسها وفي غريزتها سر الحياة الاجتماعية. فعلينا إذن أن نتعلم معنى الحياة الاجتماعية حتى من الحشرات، لأن في حياتها دروساً لنا قيمة. ففي مستوى حشرة بسيطة كالنحلة، نرى أن الحياة الاجتماعية ضرورة بالنسبة لكيان الفرد، فهو يلقي نفسه إلى التهلكة إذا ما انفصل عنها. والإنسان شأنه في هذا شأن النحلة، إنه لا يستطيع أن ينعزل عن المجتمع ويحاول العيش بجهده الخاص فمصيره من غير شك إلى الموت.
على أننا إذا سلمنا بهذه البديهة فإن علينا أن نتساءل: هل الفرد يعيش ويحقق قسطه من الحياة ومصلحته فيها، بمجرد اتصاله بشيء نسميه المجتمع أي بعدد من الأفراد؟ هنا: سادتي، يبتدئ عندنا لبس أدى للاسف؛ في التاريخ القريب أي في الاربعين سنة أو الخمسين سنة التي مضت، أدى بنا إلى غلطات ارتكبناها لأننا لم ندقق في مصطلحات الاجتماع، ففهمنا أن المجتمع إنما هو عبارة عن عدد من الأفراد، يعيشون كما يشاؤون مهما كانت الصلات بينهم ليس هذا هو المجتمع. هذا يمكن أن نسميه بقايا مجتمعات أو بداية مجتمعات قبل أن تقوم بوظيفتها التاريخية. أما المجتمع الذي يقوم بوظيفته التاريخية، المجتمع الذي يقوم بوظيفته نحو الفرد ويحقق راحة الفرد، فإنه لابد أن نفهم معناه فهماً دقيقا. فهو ليس عددا من الأفراد، وإنما هو شيء خاص، هو بنيان وليس تكديسا من الأفراد، بنيان فيه أشياء مقدسة متفق عليها. فقبل أن تتجمع الأفراد تكون هناك فكرة عأمة هي التي تؤلف بين أفراد المجتمع. فإذا فقدت هذه الفكرة فقد فقدت الصلات بين الأفراد، وتفكك المجتمع وضاعت المصلحة التي كانت تتمثل فيه. فكما أن النحلة لو انفصلت عن خليتها ماتت، فإن المصلحة التي تجمع وتنسق سلوك كل نحلة من الخلية لو انعدمت لسبب لا أعلمه فإن الخلية ستتمزق، أي يضيع المجتمع ويضيع أفراده أيضاً.

نام کتاب : تأملات نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 157
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست