بالكف وهو مقتبس من قوله عليه الصلاة والسلام أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر أي ولا أقول فخرا لنفسي بل تحدثا بنعمة ربي وتقييد يوم القيامة لأنه وقت ظهوره ونظيره الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ والحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد مع زيادة وما من نبي آدم فمن سواه إلا تحت لوائي ولا فخر وفي رواية لمسلم وأبي داود مع زيادة وأول شافع وأول مشفع ولا فخر وفي البخاري أنا سيد الأولين والآخرين ولا فخر (وقرن) أي جمع ووصل (ذكره بذكره) كما يستفاد من قوله تعالى وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ومن قوله سبحانه وتعالى وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ (ورضاه برضاه) لقوله تعالى وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ (وجعله أحد ركني التّوحيد) أي المعتبر في الدين (ثمّ قال: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) أي يعقدون الميثاق معك على قتال أهل الشقاق (إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ [الفتح: 10] ) لأنه المقصود بالبيعة بالاتفاق (يعني) أي يريد الله بهذه المبايعة (بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ أَيْ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ بِبَيْعَتِهِمْ إيّاك يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح: 10] ) استئناف مؤكد لما قبله (يريد) أي الله أن يده فوق أيديهم (عند البيعة) أي على طريق الخصوصية قال التلمساني قوله يريد عند البيعة صوابه معناه عند البيعة وإلا فالإرادة والعناية في كلام المخلوقين ولا ينبغي أن يقول المفسر يعني ولا يريد ولكن يقول من معناه أو يجوز أو يحتمل ونحو ذلك مما يجري على الألسنة (قيل) أي المراد بيد الله (قوّة الله) وقدرته والمعنى قوته وقدرته في نصر رسوله فوق قواهم وقدرهم وقد أشار الهروي في غريبه إلى هذا القول فيكون في الآية على هذا ذكر نعمة مستقبلة وعد الله بها نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وهي النصر له وعلى القول الذي بعده يكون فيما ذكر نعمة حاصلة قد شرف الله بها المبايعين واستعمال اليد أيضا في اللغة بمعنى القوة موجودة ومنه قوله تعالى أُولِي الْأَيْدِي أي أولي القوى (وقيل ثوابه) أي المترتب على مبايعتهم بأيديهم وانقيادهم في متابعتهم فاليد بمعنى النعمة (وقيل منّته) أي عطيته ومنه يقال لفلان على يد وفي الحديث اللهم لا تجعل لفاجر علي يدا يحبه قلبي وقد قال الشاطبي رحمه الله إليك يدي منك الأيادي تمدها والمعنى منته عليهم ونعمته لديهم ببيعتهم مما منحوه من العز في الدنيا والثواب في العقبى فوق منتهم عليك بمبايعتهم لك على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم قال المنجاني وإليه ذهب أكثر المفسرين واستعمال اليد في اللغة بمعنى النعمة كثير ومنه قول الشاعر:
لجودك في قومي يد يعرفونها ... وأيدي الندى في الصالحين فروض
وإلى هذا المعنى يرجع قول من قال هي من الله سبحانه الثواب أعني اليد في الآية المثوبة من المبايعين الطاعة فإن الثواب من الله تعالى داخل تحت منته والطاعة منهم داخلة تحت ما يمتنون به وإلا فليس اليد في اللغة اسما للثواب ولا للطاعة (وقيل) أي المراد بيد الله (عقده) وفي نسخة عفوه وهو تصحيف وتحريف والمعنى أنه تعالى أوجد البيعة وأتم عقدها