إحسان وإكرام لنزاهة ذاته القدسي عن الميل النفسي (وتمام النّعمة) أي ومن تمام النعمة (وهي من أعلام الاختصاص) أي منة له بما لم يؤته أحدا غيره كما يستفاد من قوله تعالى الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي (والهداية) أي ومن الهداية (وهي من أعلام الولاية) أي التأييد والنصرة، (فالمغفرة) بالرفع مبتدأ (تبرئة) أي تنزيه منه له (من العيوب) أي عيوب الذنوب وفي نسخة تنزيه من العيوب وأما قول الحلبي وهو بكسر الراء المشددة ثم همزة مضمومة من البراءة فخطأ ظاهر في العبارة إذ الصواب أنه بفتح التاء وسكون الموحدة وبكسر الراء المخففة وفتح الهمزة مصدر برأه يبرؤه تبرئة على وزن تفعلة والذي ذكره إنما هو بضم الراء مصدر تبرأ منه وهو غير مناسب للمقام كما لا يخفى على العلماء الاعلام (وتمام النّعمة إبلاغ الدّرجة الكاملة) أي إيصاله تعالى له إلى درجة لا درجة فوقها، (والهداية وهي الدّعوة إلى المشاهدة) أي إلى الحضرة في مقعد صدق وقرب مكانة وكرامة لأقرب مكان ومسافة: (وقال جعفر بن محمّد) أي ابن علي بن الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهم (مِنْ تَمَامِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ أَنْ جَعَلَهُ حَبِيبَهُ) أي اصطفاه وخصه بكرامة تشبه كرامة الحبيب عند محبه فالمحبة أصفى ود لأنها من حبة القلب بخلاف الخلة فإنها ود تخلل النفس وخالطها (وأقسم بحياته) أي في قوله تعالى لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ أي وحياتك يا محمد وتقديره لعمرك قسمي والعمر بفتح العين لغة في العمر بالضم خص به القسم ايثارا لخفته لكثرة دوران القسم على ألسنتهم (ونسخ به شرائع غيره) لقوله عليه الصلاة والسلام لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي (وعرج) بفتح الراء أي صعد (به إلى المحل الأعلى) أي المنزل الأعلى وهو بفتح الحاء وكسرها والأول أولى والمراد به مقام قاب قوسين أو أدنى (وحفظه في المعراج) أي عن مطالعة السوي والمعراج الدرجة وقيل سلم تعرج فيه الأرواح وجاء أنه أحسن شيء لا تتمالك الروح إذا رأته أن تخرج وأن تشخص بصر الميت من حسنه (حتّى ما زاغ البصر وما طغى) أي ما مال إلى الهوى ولا تجاوز عن المولى (وبعثه إلى الأسود والأحمر) أي إلى العرب والعجم أو الجن والإنس لقوله عليه الصلاة والسلام بعثت إلى الأحمر والأسود وفي رواية بعثت إلى الناس كافة ولقوله تعالى وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ أي الا رساله عامة لهم محيطة بهم من الكف فإنها إذا عمتهم كفتهم عن أن يخرج منها أحد منهم (وأحلّ له ولأمّته الغنائم) لقوله صلى الله تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحد قبلي وفي رواية أحلت لنا الغنائم (وجعله شفيعا) أي يوم الجمع لجميع الخلائق (مشفعا) بتشديد الفاء المفتوحة أي مقبول الشفاعة في مقام محمود يحمده فيه الأولون والآخرون كما روي عن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعا (وسيّد ولد آدم) أي وجعله سيد البشر ولما كان بعض أولاد آدم أفضل منه فيلزم منه أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أفضل من آدم عليه الصلاة والسلام بطريق البرهان الذي يسمى بالأولى ومنه قوله تعالى فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ أي فكيف الضرب