[الكهف: 6] ) أي حزنا وتأسفا وتلهفا (أي قاتل نفسك) ويجوز بالإضافة كما قرئ في الآية (لذلك) أي لعدم إيمانهم بالقرآن (غضبا) أي عليهم (أو غيظا) أي في نفسه (أو جزعا) أي قلة صبر وتحمل والحاصل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم شبه لما تداخله من الوجد أسفا على توليهم وتباعدهم عن الإيمان بمن فارق أعزته فذهبت نفسه حسرات على آثارهم باخعها وجدا عليهم متلهفا على فراقهم، (ومثله) أي مثل فلعلك باخع نفسك مما ورد مورد الشفقة والإكرام بشهادة لعل فإنها للإشفاق (قوله تعالى أيضا: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ) وقرئ بالإضافة هنا أي اشفق على نفسك أن تقتلها غما (أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الشعراء: 3] ) أي مخافة أن لا يؤمنوا أو لئلا يؤمنوا (ثمّ قال) أي الله سبحانه وتعالى تسلية لشأنه (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً أي دلالة ملجئة إلى الإيمان أو بلية قاصرة على أهل الكفران والطغيان (فَظَلَّتْ) أي صارت (أَعْناقُهُمْ أي جماعاتهم واشرافهم وساداتهم (لَها خاضِعِينَ [الشعراء: 4] ) أي لتلك الآية منقادين ولاقتضائها خاشعين أو لتلك البلية ذليلين خاسئين وهو عطف على الجزاء أعني ننزل إذ لو قيل أنزلنا مكانه لصح وقيل اصل الكلام فظلوا لها منقادين فأقحمت الأعناق لبيان موضع الخضوع لأن الأعناق لما وصفت بصفة لا تكون حقيقة إلا لمن يعقل عوملت معاملة من يعقل فجمعت جمعه (ومن هذا الباب) أي باب الشفقة والإكرام (قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) أي فاجهر به وأظهره من صدع بالحجة إذا تكلم بها جهرا أو أفرق بين الحق والباطل وأصله الإبانة والتمييز وما موصولة وعائدها محذوف أي بما تؤمر به وجوز الدلجي كون ما مصدرية هنا وهو بعيد عن المعنى كما لا يخفى (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر: 94] ) أي إهانة لهم ولا تلتفت إلى ما يقولون وأغرب التلمساني حيث فسر أعرض بقوله اترك والغ (إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ [الحجر: 97] ) أي فينا أو في القرآن أو فيك (إلى آخر السّورة) وهو قوله سبحانه وتعالى إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ أي دفعنا عنك شرهم بقمعهم وإهلاكهم قيل كانوا خمسة نفر فمات كل واحد منهم بنوع من عذابه الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ أي عاقبة أمرهم وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ أي فافزع إليه بالتسبيح والتحميد وقل تسبيحا مقرونا بالحمد جمعا بين الصفات السلبية والنعوت الثبوتية أو فنزهه عما يقولون من الباطل واحمده على أنه هداك إلى الحق وكن من الساجدين أي المصلين وكان صلى الله عليه وسلّم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ أي الموت باتفاق المفسرين وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم عند موت عثمان ابن مظعون أما هو فقد رأى اليقين قال المنجاني ويحتمل أن يكون إشارة إلى النصر الذي وعد الله سبحانه وتعالى على الكفار قلت هذا مع مخالفته للإجماع غير مناسب أن تكون النصرة غاية العبادة فإن العبادة لا يجوز انفكاكها عن العباد ما دامت الارواح في الإجساد (وقوله) أي ومنه أيضا قوله (تَعَالَى وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ [الْأَنْعَامِ: 10] ) تسلية له عما