الربيع بن أنس ويعزى إلى مقاتل أيضا وله تأويلان أحدهما أن يريد أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يعتمد إذا صلى على إحدى رجليه ويرفع الأخرى تحريا منه صلى الله تعالى عليه وسلم للأمور الشاقة ونفورا من الراحة فقيل له طأ الأرض برجليك معا ولا تعتمد على قدم واحدة فتتعب بذلك نفسك وهذا التأويل هو الذي تأوله المصنف وثانيهما أن يريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تدعوه مشقة الصلاة إلى أن يتروح برفع إحدى قدميه وحط الأخرى فقيل له طأ الأرض بمعنى لا تلزم نفسك من القيام ما تتعب معه فتضطر إلى الترويح بإحدى قدميك قال المنجاني وهذا التأويل أحسن من التأويل الذي تأوله القاضي وإلا فالقيام على رجل واحدة لم يثبت في الشرع أنه من جملة التطوعات فيفعله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اختيارا دون أن يوجب ذلك موجب من تعب أو تورم قدم بل لم ينج ذلك الفقهاء إلا للضرورة قلت لا مانع من أنه كان في الشرع من التطوع ثم نسخ قال وما يستغرب في هذه الآية ما رواه الفراء في كتاب معاني القرآن له مسندا عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أن رجلا قرأ بمحضره طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى فقال ابن مسعود اقرا طه بكسر الطاء والهاء فقال له الرجل يا أبا عبد الرحمن أليس أمرا من الوطئ فقال له عبد الله اقرا طه بالكسر فهكذا اقرأنيهما رسول الله صلى الله عليه وسلّم قلت لعل روايته كانت بالإمالة فيهما وهي لا تنافي كونهما من الوطئ والله أعلم. (ولا خفاء بما في هذا كلّه) الباء بمعنى في وعدل إليه حذرا عن التكرار أي فيما ذكر من الآية والحديث (من الإكرام) أي إكرام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم (وحسن المعاملة) أي له صلى الله تعالى عليه وسلم بإعلام حسن القيام وهذا إن جعلنا طه طأ الأرض كما تقدم فيه الكلام (وَإِنْ جَعَلْنَا طه مِنْ أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليه وسلم كما قيل) أي وقد سبق (أو جعلت) أي هذه الكلمة (قسما) أي أقسم الله تعالى به (لحق الفضل بما قبله) أي اتصل هذا الفصل بالفصل الذي قبله لإنبائه بما أقسم به تعالى تحقيقا لمكانته وإفاد نهاية المبرة في مخاطبته وإعلاء درجات الآداب في محاورته، (ومثل هذا) أي ما ذكر من كون طه من اسمائه صلى الله تعالى عليه وسلم أو مقسما به أو هما وما قبلهما (من نمط الشّفقة) أي من نوع المرحمة (والمبرّة) لمناسبة بينهما قال الدلجي إذ النمط في الأصل الجماعة من الناس أمرهم واحد وفي الحديث خير هذه الأمة النمط الأوسط يلحقهم التالي ويرجع إليهم العالي انتهى ولا يخفى بعد هذا المعنى في مقام المرام بل النمط بفتح النون والميم جاء بمعنى الطريق والنوع من الشيء أيضا على ما في القاموس ويمكن حمل الحديث الذي ذكره عليه كما لا يخفى وقد قال الحلبي النمط الضرب من الضروب والنوع من الأنواع يقال ليس هذا من ذلك النمط أي من ذلك النوع قاله الهروي في غريبه وأخذ منه ابن الأثير وحذف منه بعض شيء، (قوله تعالى) خبر لقوله مثل هذا (فَلَعَلَّكَ) أي لفرط إعراضهم وتباعدهم عن ما فيه تحصيل جميع اغراضهم (باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ) أي المجدد إنزاله (أَسَفاً