نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 344
يرجع إلى معنى الكشف والإظهار، وأما شكر الجوارح للمنعم المفضل سبحانه وتعالى فهو أن لا يعصيه بنعمة من نعمه وأن يستعين بنعمته على طاعته ولا يستعين بها على معاصيه فيكون قد كفرها كما قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلَى الَّذينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ الله كُفْراً) إبراهيم: 28، قيل: استعانوا بنعمه علي معاصيه فالخلق لا يقدرون على تبديل نعمة الله عزّ وجلّ ولكن معناه: بدلوا شكر نعمة الله كفراً وهذا من المضمر معناه لظهور دليله عليه لأنه أمرهم بالطاعة بالنعم فخالفوه فعصوه بها فكان ذلك تبديلهم لما أمروا، ومثله قوله تعالى: (وَتَجْعَلونَ رِزْقَكُمْ أنَّكُمْ تُكذِّبُونَ) الواقعة: 82 المعنى شكر رزقكم تجعلونه تكذيبكم برسل الله تعالى وهذا من المحذوف أيضاً وهي في قراءة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مظهرة مفسّرة.
روينا عنه عليه السلام: أنه قرأ وتجعلون شكركم فهذا ظاهر وبمعناه: ومن يبدّل نعمة الله من بعد ما جاءته فإن الله شديد العقاب أي يعاقب من كفر بالنعمة فضيّع شكرها بمعصيته بها يعاقبه بزوالها، وكذلك قوله تعالى: (وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إنَّ عَذابي لَشديدٌ) إبراهيم: 7، قيل: إن كفرتم النعمة فقد يكون العذاب في الدنيا تبديل النعمة عقوبات وتغييرها هوان ومذلاّت، وقد يكون العذاب مؤجلاً كقوله تعالى: (إنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) الفرقان: 65، قال: طالبهم على النعم بالشكر فلم يكن عندهم فأغرمهم ثمن النعمة فحبسهم في جهنم، وقد قال الله تعالى: (وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعِمَهُ ظاهِرَةً وباطِنَةً) لقمان: 20، ثم قال: (وَذَرُوا ظاهِرَ الإثْمِ وباطِنهُ) الأنعام: 120 ففيه تنبيه لذوي الألباب الذين وصل لهم القول ليتذكروا أن يذروا ظاهر الإثم شكر الظاهر النعم، ويذروا باطن الإثم شكر الباطن النعم وظاهر النعم عوافي الأجساد ووجود الكفايات من الأموال وظاهر الإثم أعمال الجوارح من معاني حظوظ النفس وباطن النعم معافاة القلوب وسلامة العقود، وباطن الإثم أعمال القلوب السيئة مثل الإصرار وسوء الظن ونيّات السوء، وقال مطرف بن عبد الله: لأن أعافى فأشكر أحبّ إلي ّ من أبتلى فأصبر، لأن مقام العوافي أقرب إلى السلامة، فلذلك اختار حال الشكر على الصبر لأن الصبر حال أهل البلاء.
وقد روينا عن الحسن البصري معنى ذلك الخبر الذي لا شرّ فيه العافية مع الشكر والصبر عند المصيبة فكم من منعم عليه غير شاكر وكم من مبتلى غير صابر، وقد روينا عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معنى هذا في قوله: وعافيتك أحبّ إلي، ّ وقال لعلي رضي الله عنه حين سمعه يثول في مرضه: اللهم إني أسألك الصبر، قال: لقد سألت الله تعالى البلاء فسله العافية، ومن الشكر الأعمال الصالحة، وبالعمل فسرّ الله تعالى ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشكر للمنعم
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 344