responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 345
فقال تعالى: (اعْملُوا آل داوُد شُكْراً) سبأ: 13، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لما عوتب في اجتهاده وقيامه حتى تورمت قدماه: أفلا أكون عبداً شكوراً، فأخبر أن المجاهدة وحسن المعاملة شكر المستعمل وجزاء المنعم، وقد قال بعض العلماء: شكر القلب المعرفة بأن بالنعم من المنعم لا غير وشكر العمل كلما وهب الله عزّ وجلّ لك عملاً أحدثت له عملاً ثانياً شكراً منك للعمل الأوّل، وعلى هذا يتصل الشكر بدوام المعاملة، وأوّل الشكر عند العارفين أن لا تعصيه بنعمة من نعمه فتجعلها في طاعة الهوى، فأما شكر الشاكرين فهو أن تطيعه بكلّ نعمة فتجعلها في سبيل المولى وهذا شكر جملة العبد، وحقيقة الشكر التقوى وهو اسم يستوعب جمل العبادة التي أمر الله تعالى بها عباده في قوله تعالى: (يا أيُّها النَّاسُ أعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلقَكُمْ وَالَّذين من قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة: 21، ثم عبّر حقيقة عن الشكر بتقواه وأخبر سبحانه وتعالى أن التقوى هو الشكر فقال سبحانه وتعالى: (فَاتَّقُوا الله لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون) آل عمران: 123، وفي الشكر مقامان عن مشاهدتين: أعلاهما مقام شكور وهو الذي يشكر على المكاره والبلاء والشدائد واللأواء، ولا يكون كذلك حتى يشهد ذلك نعماً توجب عليه الشكر بصدق يقينه وحقيقة زهده وهذا مقام في الرضا وحال من المحبة، وبهذا الوصف ذكر الله تعالى نبيّه نوحاً عليه السلام في قوله تعالى: (إنَهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً) الإسراء: 3 في التفسير أنه كان يشكر الله تعالى على كل حال من خير أو شر أو نفع أو ضرّ.
وروينا في الخبر: ينادي منادٍ يوم القيامة ليقم الحمادون فيقوم زمرة فينصب لهم لواء فيدخلون الجنة قيل: ومن الحمادون؟ قال: الذين يشكرون الله تعالى على كل حال، وفي لفظ آخر: على السرّاء والضرّاء، وقد قال بعض العلماء في قوله تعالى: (وَأسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنةً) لقمان: 20، قال: ظاهرة العوافي والغنى وباطنه البلوى والفقر فهذه نعم الآخرة، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا عيش إلا عيش الآخرة، والمقام الثاني من الشكر أن ينظر العبد إلى من هو دونه ممّن فضل هو عليه في أمور الدنيا وأحوال الدين فيعظّم نعمة الله تعالى عليه بسلامة قلبه ودينه وعافيته مما أبتلى الآخر به ويعظّم نعمة الدنيا عليه لما آتاه الله تعالى وكفاه فيما أحوج الآخر وألجأه إليه فيشكر على ذلك ثم ينظر إلى من هو فوقه في الدين ممن فضل عليها بعلم الإيمان وبحسن يقين فيمقت نفسه ويزري عليه وينافس في مثل ما رأى من أحوال من هو فوقه ويرغب فيها، فإذا كان كذلك كان من الشاكرين ودخل تحت اسم الممدوحين.
وقد روينا معنى ذلك في حديث عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال من نظر في الدنيا إلى من هو دونه ونظر في الدين إلى من هو فوقه كتبه الله صابراً شاكراً ومن نظر في الدنيا إلى من هو فوقه ونظر في الدين إلى من هو دونه لم يكتبه الله صابراً ولا شاكرا، ً وقد شرحنا هذا في مقام الرضا، فكرهنا إعادته ههنا، وكل وصف يكون العبد شاكراً به، يكون الشكر

نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي    جلد : 1  صفحه : 345
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست