نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 343
ويتكره عندك قضاءه إذا سألته عن حاله فلا تسأله فتكون أنت سبب شكواه وشريكه في جهله، وما أقبح بالعبد أن يشكو المولى الذي ليس كمثله شيء والذي بيده ملكوت كل شيء إلى عبد مملوك لا يقدر على شيء، ومن الشكر أن يشكر الله تعالى على اليسير لأن القليل من الحبيب كثير ولأن الله تعالى حكيم فمنعه حكمة وقدرة، فإذا عرف وجه الحكمة في المنع مع القدرة على العطاء علم أنه منعه ليعطيه فثم صار المنع عطاء واليسير منه كثيرا، ً ويعلم أن الذل والصبر عند المنع عزّ وشرف، وهو أفضل وأنفس عند العلماء من التعزز بالعبيد والشرف بهم، وأن الطمع والتذلل إليهم والاستشراف إلى عبد مملوك مثلك ذلّ ذليل وحسن الذلّ للعزيز كحسن الذلّ للحبيب وقبح الذلّ للذليل كقبح الذلّ للعدو.
وقد قال الله تعالى: (إنَّ الَّذين تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فابْتغُوا عِنْدَ الله الرِّزْقَ واعْبُدُوهُ) العنكبوت: 17، وقال تعالى في معناه: (إنَّ الَّذين تَدْعُون مِن دُونِ الله عِبادٌ أمْثَالُكُمْ) الأعراف: 194، والعبادة هي الخدمة والطاعة بذلّ ولا يحسن للعبد المقبل أن يظهر فقره وفاقته إ لى غير مولاه الذي يلي تدبيره ويتولاه لأنه عليم خبير بحاله يسمعه ويراه فهو أعلم بما يصلحه منه، وقد قال الله تعالى في معناه: (ولوْ بَسَطَ الله الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا في الأرْضِ) الشورى: 27، فعلى الموقن أن يشكر في القبض والمنع كما يشكر في العطاء والبسط ثم يشهد الشاكر بقلبه شهادة يقين ويعلم أن وصفه وصف العبودية وحكمه أحكام العبيد محكوم عليه بأحكام الربوبية وأنه لا يستحق على الله شيئاً وأن الله عزّ وجلّ يستحقّ عليه كلّ شيء فالعبد خلقه وصنعته والرب صانعه ومالكه، فإذا شهد العبد هذه الشهادة رأى لله عزّ وجلّ عليه كل شيء فرضي منه بأدنى شيء ولم ير له على الله تعالى شيئاً فلم يقنع لله تعالى منه بشيء ولم يطالب مولاه بشيء، فكثرة الذكر وحسن الثناء وجميل النشر للنعماء وتعديد النعم والآلاء هو شكر اللسان لأن معنى الشكر في اللغة هو الكشف والإظهار يقال: كثر وشكر بمعنى إذا كشف عن ثغره فأظهره فيكون إظهار الشكر وكشفه باللسان ما ذكرناه كما جاء في الخبر ليس شيء من الأذكار يضاعف ما يضاعف الحمد.
وفي الحديث: من قال سبحان الله فله عشر حسنات، ومن قال: لا إله إلا الله فله عشرون حسنة، ومن قال: الحمد لله كتبت له ثلاثون حسنة ليس أن الحمد أعلى من التوحيد ولكن لفضل مقام الشاكر ولأن الله تعالى افتتح به كلامه في كتابه، وفي الخبر: الحمد رداء الرحمن عزّ وجل، ّ وفي الخبر أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله رب العالمين، ويكون أيضاً ظهور الشكر وغلبته في القلب شكر القلب، ويكون شكر الله تعالى لعبده كشفه له ما ستره عنه وإظهاره له ما حجبه منه من العلوم والقدر وهو المزيد فيفيده ذلك حسن معرفته به سبحانه وتعالى وعلوّ مشاهدته منه وكله
نام کتاب : قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد نویسنده : أبو طالب المكي جلد : 1 صفحه : 343