responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 645
ومن ثم لا يمكن أن ننصح إنسانًا موسرًا بأن يفتقر باختياره لكي يصير مسلمًا حقًّا، فليس في هذا زهد حقيقي، إذا ما حكمنا عليه بتحديد النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه, الذي يقول:
"الزهادة في الدنيا ليست بتحريم الحلال، ولا إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا ألا تكون بما في يدك أوثق مما في يدي الله"[1].
وكذلك الأمر في حالة العكس، حالة رجل منقطع، يتمتع بالضروري قانعًا متعففًا، ويتمسك بصورة خاصة بالقيم العليا: فلا ينبغي لنا أيضًا أن نغريه بالتخلي عن مثله، من أجل أن يثرى ماديًّا.
والحق أن ما ينبغي على المرء أن يفعله، غير ما تفرضه عليه الساعة التي يحياها، هو أن ينوي دائمًا -ولو أن نيته في حيز القوة- أن يغير موقفه متى ما غير الوضع وجهه، أي أن يكون دائمًا مستعدًّا للهجوم، وللدفاع، للعطاء، وللصبر.
وإذا كان الأمر كذلك فيجب أن نرى بين هاتين الفضيلتين علاقة مساواة في القيمة، متناسبة مع ظروفهما الخاصة، ولما كان لكل وضع مقتضياته الأخلاقية، فمن الواضح أن من يعرف كيف ينهض به يؤدي واجبه الكامل الذي لا بديل له، لا أقل ولا أكثر. وتلك فيما نعتقد نتيجة تنبع بالضرورة من الفكرة المميزة لهذه الأخلاق، أعني أنها لا ترغب إلينا أن نعمل ضد

[1] الترمذي, كتاب الزهد, باب 28، وقد روى هذا الحديث ابن ماجه عن أبي ذر الغفاري، قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "ليس الزهادة بتحريم الحلال، ولا في إضاعة المال، ولكن الزهادة في الدنيا ألا تكون بما في يديك أوثق منك بما في يد الله، وأن تكون في ثواب المصيبة، إذا أصبت بها، أرغب منك فيها، لو أنها أبقيت لك". "المعرب"
نام کتاب : دستور الأخلاق في القرآن نویسنده : دراز، محمد بن عبد الله    جلد : 1  صفحه : 645
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست