طبيعة الأشياء، وإنما هي تريد أن نكيف أنفسنا معها، بالمعنى السامي لكلمة "تكيف" الذي يستلزم مركبًا من "الشجاعة"، و"نبل المظهر".
وانطلاقًا من هذا المبدأ يمكن أن نثبت أن الموقفين يتساويان في القيمة، من الناحية العملية، حتى ولو لم نملك نصوصًا محددة في هذا الموضوع، فما بالنا وهذه النصوص موجودة.
وإليك بعضها:
"عن صهيب قال: قال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له "[1].
وأكثر من هذا وضوحًا قوله -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه عنه أبو هريرة: "الطاعم الشاكل بمنزلة الصائم الصابر" [2].
وهكذا، فإن المشكلة التي تشغلنا الآن، مع أنها لا تحمل أي معنى ذي طابع عملي، أعني أنها لا تتطلب بعض التغيير في واجبنا -ينبغي أن تطرح على بساط البحث عن الخير، وتقديره في ذاته، مستقلًّا عن إمكاناتنا الخاصة.
وإذن فإذا ما انتقلت إلى هذا المجال فإن الحل الذي وضعه لها الإسلام يتجه -فيما يبدو لنا- إلى منح الأولوية إلى فضيلة تعميم الخير الإيجابي المشترك، أعني الفضيلة التي تفترض درجة عالية من الرخاء، والرفاهية الطبيعية، لا تلك التي تقصر خيراتها على مالكها، والتي تستتبع الحرمان والألم. [1] صحيح مسلم، كتاب الزهد, باب 13. [2] ابن ماجه, كتاب الصيام, باب 55.