ربكم يا عباد الله وراقبوا ربكم في سركم وعلانيتكم، وفي كل أحوالكم لعلكم تفلحون.
[من كمال حكمة الله تعالى أن جعل صراعا بين الحق والباطل والنصر في هذا الصراع يكون للحق وأهله]
أمة الإسلام، إن الله من كمال حكمته وعدله أقام في هذه الدنيا الصراع بين الحق والباطل، بين الهدى والضلال، بين أوليائه وأعدائه، حكمته عظيمة ليبتلي العباد، فيظهر إيمان المؤمن من كذب الكاذب {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [1] {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [2] ، {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [3] ، وما بعث الله من نبي إلا جعل له أعداء يصدون الناس عن طريقه ويبسطون الناس عن الانقياد للحق الذي جاء به، قال -جل جلاله-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} [4] {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ} [5] ، فأنبياء الله منذ بعث الله أول نبي في الأرض قد جعل الله لهم أعداء، لا لهوانهم عليه، ولكن ليزيد في رفعتهم ومكانتهم، وابتلاء لأتباعهم وامتحانا لإيمانهم، فأعداء الرسل قابلوا دعوتهم بالتكذيب والإنكار، ولكن الرسل مضوا في دعوتهم وبلغوا رسالات الله، والحق لا بد أن يعلو، والباطل لا بد أن يضمحل أمام الحق {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ} [6] ، {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [7] . [1] سورة العنكبوت الآية 2 [2] سورة العنكبوت الآية 3 [3] سورة آل عمران الآية 179 [4] سورة الأنعام الآية 112 [5] سورة الأنعام الآية 113 [6] سورة الأنبياء الآية 18 [7] سورة الإسراء الآية 81