responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 30
وَيَذْكُرُ اسْمَهُ، وَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يُظْهِرَ غَضَبَهُ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يُظْهِرَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ يَسْتُرَ اسْمَهُ وَلَا يَذْكُرَهُ بِالسُّوءِ. فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِمَّا يَغْمُضُ دَرْكُهَا عَنْ الْعُلَمَاءِ فَضْلًا عَنْ الْعَوَامّ، لِظَنِّهِمْ أَنَّ التَّعَجُّبَ وَالرَّحْمَةَ وَالْغَضَبَ إذَا كَانَ لِلَّهِ كَانَ عُذْرًا فِي ذِكْرِ الِاسْمِ وَهُوَ خَطَأٌ، بَلْ الْمُرَخِّصُ فِي الْغِيبَةِ الْأَعْذَارُ السَّابِقَةُ فَقَطْ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْهَا هُنَا.

وَمِنْهَا: يَتَعَيَّنُ عَلَيْك مَعْرِفَةُ عِلَاجِ الْغِيبَةِ، وَهُوَ إمَّا إجْمَالِيٌّ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّك قَدْ تَعَرَّضَتْ بِهَا لِسَخَطِ اللَّهِ تَعَالَى وَعُقُوبَتِهِ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْأَخْبَارُ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا، وَأَيْضًا فَهِيَ تُحْبِطُ حَسَنَاتِك لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الْمُفْلِسِ مِنْ أَنَّهُ تُؤْخَذُ حَسَنَاتُهُ إلَى أَنْ تَفْنَى، فَإِنْ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وُضِعَ عَلَيْهِ مِنْ سَيِّئَاتِ خَصْمِهِ. وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ زَادَتْ حَسَنَاتُهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَوْ سَيِّئَاتُهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمِنْ أَهْلِ الْأَعْرَافِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ، فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ الْغِيبَةُ سَبَبًا لِفِنَاءِ حَسَنَاتِك وَزِيَادَةِ سَيِّئَاتِك فَتَكُونَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، عَلَى أَنَّهُ رُوِيَ: «أَنَّ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ تَحُتَّانِ الْإِيمَانَ كَمَا يَعْضِدُ الرَّاعِي الشَّجَرَةَ» .
وَمِنْ ثَمَّ قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: بَلَغَنِي أَنَّك تَغْتَابُنِي. فَقَالَ مَا بَلَغَ قَدْرُك عِنْدِي أَنِّي أُحَكِّمُك فِي حَسَنَاتِي. وَمَنْ آمَنَ بِتِلْكَ الْأَخْبَارِ فَطَمَ نَفْسَهُ عَنْ الْغِيبَةِ فَطْمًا كُلِّيًّا، خَوْفًا مِنْ عِقَابِهَا الْمُرَتَّبِ عَلَيْهَا فِي الْأَخْبَارِ. وَمِمَّا يَنْفَعُك أَيْضًا أَنَّك تَتَدَبَّرُ فِي عُيُوبِك، وَتَجْتَهِدُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْهَا؛ لِتَدْخُلَ تَحْتَ مَا رُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ فَلْيَسَعْهُ بَيْتُهُ وَلْيَبْكِ عَلَى خَطِيئَتِهِ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا لِيَغْنَمَ، أَوْ لِيَسْكُتْ عَنْ شَرٍّ فَيَسْلَمَ» . وَتَسْتَحْيِي مِنْ أَنْ تَذُمَّ غَيْرَك بِمَا أَنْتَ مُتَلَبِّسٌ بِهِ أَوْ بِنَظِيرِهِ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا خِلْقِيًّا فَالذَّمُّ لَهُ ذَمٌّ لِلْخَالِقِ، إذْ مَنْ ذَمَّ صَنْعَةً ذَمَّ صَانِعَهَا. قَالَ رَجُلٌ لِحَكِيمٍ يَا قَبِيحَ الْوَجْهِ. فَقَالَ مَا كَانَ خَلْقُ وَجْهِي إلَيَّ فَأُحْسِنُهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَك عَيْبًا وَهُوَ بَعِيدٌ فَاشْكُرْ اللَّهَ إذْ تَفَضَّلَ عَلَيْك بِالنَّزَاهَةِ عَنْ الْعُيُوبِ فَلَا تَسْمُ نَفْسُك بِتَعْظِيمِهَا.
وَيَنْفَعُك أَيْضًا أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ تَأَذِّي غَيْرِك بِالْغِيبَةِ كَتَأَذِّيك بِهَا، فَكَيْفَ تَرْضَى لِغَيْرِك مَا تَتَأَذَّى بِهِ. وَإِمَّا تَفْصِيلِيٌّ بِأَنْ تَنْظُرَ فِي بَاعِثِهَا فَتَقْطَعُهُ مِنْ أَصْلِهِ، إذْ عِلَاجُ الْعِلَّةِ إنَّمَا يَكُونُ بِقَطْعِ سَبَبِهَا، وَإِذَا اسْتَحْضَرْت الْبَوَاعِثَ عَلَيْهَا السَّابِقَةَ ظَهَرَ لَك السَّعْيُ فِي قَطْعِهَا كَأَنْ تَسْتَحْضِرَ فِي الْغَضَبِ أَنَّك إنْ أَمْضَيْت غَضَبَك فِيهِ بِغِيبَةٍ أَمْضَى اللَّهُ غَضَبَهُ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست