responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 31
فِيك لِاسْتِخْفَافِك بِنَهْيِهِ، وَجُرْأَتِك عَلَى وَعِيدِهِ. وَفِي حَدِيثٍ: «إنَّ لِجَهَنَّمَ بَابًا لَا يَدْخُلُهُ إلَّا مَنْ شَفَى غَيْظُهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى» . وَفِي الْمُرَافَقَةِ: إنَّك إذَا أَرْضَيْت الْمَخَالِيقَ بِغَضَبِ اللَّهِ عَاجَلَك بِعُقُوبَتِهِ، إذْ لَا أَغْيَرَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.
وَفِي الْحَسَدِ: أَنَّك جَمَعَتْ بَيْنَ خَسَارِ الدُّنْيَا بِحَسَدِك لَهُ عَلَى نِعْمَتِهِ وَكَوْنِك مُعَذَّبًا بِالْحَسَدِ، وَالْآخِرَةِ؛ لِأَنَّك نَصْرَتَهُ بِإِهْدَاءِ حَسَنَاتِك إلَيْهِ، أَوْ طَرْحِ سَيِّئَاتِهِ عَلَيْك، فَصِرْت صَدِيقَهُ وَعَدُوَّ نَفْسِك فَجَمَعْت إلَى خُبْثِ حَسَدِك جَهْلَ حَمَاقَتِك، وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْك سَبَبَ انْتِشَارِ فَضْلِهِ كَمَا قِيلَ:
وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ نَشْرَ فَضِيلَةٍ ... طُوِيَتْ أَتَاحَ لَهَا لِسَانَ حَسُودِ
وَفِي قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ أَنَّك بِمَا ذَكَرْته فِيهِ أَبْطَلْت فَضْلَك عِنْدَ اللَّهِ، وَأَنْتَ لَسْت عَلَى ثِقَةٍ مِنْ اعْتِقَادِ النَّاسِ فِيك، بَلْ رُبَّمَا مَقَتُوك إذَا عَرَفُوك بِثَلْبِ الْأَعْرَاضِ وَقُبْحِ الْأَغْرَاضِ، فَقَدْ بِعْت مَا عِنْدَ اللَّهِ يَقِينًا بِمَا عِنْدَ الْمَخْلُوقِ الْعَاجِزِ وَهْمًا، وَفِي الِاسْتِهْزَاءِ أَنَّك إذَا أَخْزَيْت غَيْرَك عِنْدَ النَّاسِ فَقَدْ أَخْزَيْت نَفْسَك عِنْدَ اللَّهِ، وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا وَعِلَاجُ بَقِيَّةِ الْبَوَاعِثِ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَرَّرَ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِهِ. وَمِنْهَا: قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْغِيبَةَ بِالْقَلْبِ حَرَامٌ، وَبَيَانُ مَعْنَاهُ، وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْإِحْيَاءِ بَيَانُ تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ بِالْقَلْبِ.

اعْلَمْ أَنَّ سُوءَ الظَّنِّ حَرَامٌ مِثْلُ سُوءِ الْقَوْلِ، وَلَسْت أَعْنِي بِهِ إلَّا عَقْدَ الْقَلْبِ وَحُكْمَهُ عَلَى غَيْرِهِ بِالسُّوءِ، فَأَمَّا الْخَوَاطِرُ وَحَدِيثُ النَّفْسِ فَهُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، بَلْ الشَّكُّ أَيْضًا مَعْفُوٌّ عَنْهُ، وَلَكِنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ أَنْ تَظُنَّ، وَالظَّنُّ عِبَارَةٌ عَمَّا تَرْكَنُ إلَيْهِ النَّفْسُ، وَيَمِيلُ إلَيْهِ الْقَلْبُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12] وَسَبَبُ تَحْرِيمِهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْقُلُوبِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا عَلَّامُ الْغُيُوبِ، فَلَيْسَ لَك أَنْ تَعْقِدَ فِي غَيْرِك سُوءًا إلَّا إذَا انْكَشَفَ لَك بِعِبَارَةٍ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ. فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُك أَلَّا تَعْتَقِدَ مَا عَلِمْته وَشَاهَدْته وَمَا لَمْ تُشَاهِدْهُ بِعَيْنِك وَلَمْ تَسْمَعْهُ بِأُذُنِك ثُمَّ وَقَعَ فِي قَلْبِك؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يُلْقِيهِ إلَيْك، فَيَنْبَغِي أَنْ تُكَذِّبَهُ فَإِنَّهُ أَفْسَقُ الْفُسَّاقِ.
وَقَدْ قَالَ تَعَالَى أَوَّلَ سُورَةِ تِلْكَ الْآيَةِ: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] الْآيَةَ. وَلَا تَغْتَرَّ بِمَخِيلَةِ فَسَادٍ إذَا احْتَمَلَ خِلَافَهَا؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ يَجُوزُ أَنْ يَصْدُقَ فِي خَبَرِهِ لَكِنْ لَا يَجُوزُ لَك تَصْدِيقُهُ؛ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَحُدَّ أَئِمَّتُنَا بِرَائِحَةِ الْخَمْرِ لِإِمْكَانِ أَنَّهَا مِنْ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 31
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست