responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 29
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَنْصُرْهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» وَمَرَّتْ أَخْبَارٌ أُخَرُ بِنَحْوِ ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثٍ: «مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالْغِيبَةِ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُعْتِقَهُ مِنْ النَّارِ» .

وَمِنْهَا: الْبَوَاعِثُ عَلَى الْغِيبَةِ كَثِيرَةٌ. إمَّا تَشَفِّي الْغَيْظِ بِذِكْرِ مَسَاوِئِ مَنْ أَغْضَبَك، وَقَدْ لَا يَشْفِيهِ ذَلِكَ فَيُحْقَنُ الْغَضَبُ فِي بَاطِنِهِ وَيَصِيرُ حِقْدًا ثَابِتًا فَيَكُونُ سَبَبًا دَائِمًا لِذِكْرِ الْمَسَاوِئِ، وَالْحِقْدُ وَالْغَضَبُ مِنْ الْبَوَاعِثِ الْعَظِيمَةِ عَلَى الْغِيبَةِ. وَإِمَّا مُوَافَقَةُ الْإِخْوَانِ وَمُجَامَلَتُهُمْ بِالِاسْتِرْسَالِ مَعَهُمْ فِيمَا هُمْ فِيهِ أَوْ إبْدَاءِ نَظِيرِ مَا أَبْدُوهُ خَشْيَةَ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ أَوْ أَنْكَرَ اسْتَثْقَلُوهُ وَنَفَرُوا عَنْهُ، وَيَظُنُّ بِجَهْلِهِ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُجَامَلَةِ فِي الصُّحْبَةِ بَلْ قَدْ يَغْضَبُ لِغَضَبِهِمْ إظْهَارًا لِلْمُسَاهَمَةِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، فَيَخُوضُ مَعَهُمْ فِي ذِكْرِ الْمَسَاوِئِ وَالْعُيُوبِ فَيَهْلِكُ. وَإِمَّا أَنْ يَسْتَشْعِرَ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ تَنْقِيصَهُ أَوْ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ كَبِيرٍ فَيَسْبِقُهُ بِذِكْرِ مَسَاوِئِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْكَبِيرِ؛ لِيُسْقِطَهُ مِنْ عَيْنِهِ، وَرُبَّمَا رَوَّجَ كَذَبَهُ بِأَنْ يَبْدَأَ بِذِكْرِ الصِّدْقِ مِنْ عُيُوبِهِ ثُمَّ يَتَدَرَّجُ لِلْغَيْرِ؛ لِيَسْتَشْهِدَ بِصِدْقِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي الْكُلِّ. وَإِمَّا أَنْ يُنْسَبَ لِقَبِيحٍ فَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ بِأَنَّ فَاعِلَهُ هُوَ فُلَانٌ، وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ التَّبَرُّؤُ مِنْهُ بِنَفْسِهِ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ فَاعِلِهِ، وَقَدْ يُمَهِّدُ عُذْرَهُ بِأَنَّ فُلَانًا شَرِيكَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبِيحٌ أَيْضًا، وَإِمَّا التَّصَنُّعُ وَإِرَادَةُ رِفْعَةِ نَفْسِهِ وَخَفْضِ غَيْرِهِ كَفُلَانٍ جَاهِلٍ أَوْ فَهْمُهُ رَكِيكٌ تَدْرِيجًا إلَى إظْهَارِ فَضْلِ نَفْسِهِ بِسَلَامَتِهِ عَنْ تِلْكَ النَّقَائِصِ.
وَإِمَّا الْحَسَدُ لِثَنَاءِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَمَحَبَّتِهِمْ لَهُ، فَيُرِيدُ أَنْ يُثْنِيَهُمْ عَنْهُ بِالْقَدَحِ فِيهِ حَتَّى تَزُولَ عَنْهُ نِعْمَةُ ثَنَاءِ النَّاسِ وَمَحَبَّتُهُمْ، وَإِمَّا اللَّعِبُ وَالْهَزْلُ فَيَذْكُرُ عَنْ غَيْرِهِ مَا يَضْحَكُ النَّاسُ بِهِ. وَإِمَّا السُّخْرِيَةُ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ كَهُوَ فِي حَضْرَتِهِ تَحْقِيرًا لَهُ، هَذِهِ هِيَ الْأَسْبَابُ الْعَامَّةُ. وَبَقِيَ أَسْبَابٌ خَاصَّةٌ هِيَ أَشَرُّ وَأَخْبَثُ كَأَنْ يَتَعَجَّبَ ذُو دِينٍ مِنْ مُنْكَرٍ فَيَقُولُ: مَا أَعْجَبَ مَا رَأَيْت مِنْ فُلَانٍ، فَهُوَ وَإِنْ صَدَقَ فِي تَعَجُّبِهِ مِنْ الْمُنْكَرِ لَكِنْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ لَا يُعَيِّنَ فُلَانًا بِذَكَرِ اسْمِهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِهِ مُغْتَابًا آثِمًا مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي، وَمِنْ ذَلِكَ عَجِيبٌ مِنْ فُلَانٍ كَيْفَ يُحِبُّ أَمَتَهُ وَهِيَ قَبِيحَةٌ، وَكَيْفَ يَقْرَأُ عَلَى فُلَانٍ الْجَاهِلِ، وَكَأَنْ يَغْتَمَّ مِمَّا اُبْتُلِيَ بِهِ، فَيَقُولُ مِسْكِينٌ فُلَانٌ سَاءَنِي بَلْوَاهُ بِكَذَا.
فَهُوَ وَإِنْ صَدَقَ فِي اغْتِمَامِهِ لَهُ، لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ اسْمَهُ فَغَمُّهُ وَرَحْمَتُهُ خَيْرٌ، وَلَكِنَّهُ سَاقَهُ إلَى شَرٍّ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي أَنَّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ دُونَ ذِكْرِ اسْمِهِ فَهَيَّجَهُ الشَّيْطَانُ عَلَى ذِكْرِ اسْمِهِ؛ لِيُبْطِلَ بِهِ ثَوَابَ اغْتِمَامِهِ وَتَرَحُّمِهِ، وَكَأَنْ يَغْضَبَ لِلَّهِ مِنْ أَجْلِ مُقَارَفَةِ غَيْرِهِ لِمُنْكَرٍ فَيَظْهَرُ غَضَبُهُ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 2  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست