responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 140
تَنْبِيهَاتٌ) : مِنْهَا قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا هُوَ مُقَرَّرٌ مَعْلُومٌ أَنَّ الشَّيْطَانَ هُوَ عَدُوُّ الْإِنْسَانِ الْمُبِينُ، وَأَنَّ أَشْرَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ قَلْبُهُ فَهُوَ - أَعْنِي الشَّيْطَانَ - لَا يَقْنَعُ مِنْ الْإِنْسَانِ بِفَسَادِ ظَاهِرِهِ بَلْ لَا مَقْصِدَ لَهُ بِطَرِيقِ الذَّاتِ إلَّا فَسَادُ ذَلِكَ الْأَشْرَفِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ وُجُوبًا عَيْنِيًّا عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ حِمَايَةُ قَلْبِهِ عَنْ فَسَادِ الشَّيْطَانِ، لَكِنْ لَا يُتَوَصَّلُ لِذَلِكَ إلَّا بِمَعْرِفَةِ مَدَاخِلِهِ، وَمَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى الْوَاجِبِ إلَّا بِهِ وَاجِبٌ، فَحِينَئِذٍ تَجِبُ مَعْرِفَةُ مَدَاخِلِهِ وَهِيَ صِفَاتُ الْعَبْدِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ مِنْ أَعْظَمِهَا: الْحَسَدُ وَالْحِرْصُ، فَمَهْمَا كَانَ الْعَبْدُ حَرِيصًا عَلَى شَيْءٍ أَعْمَاهُ حِرْصُهُ وَأَصَمَّهُ. كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ: «حُبُّك الشَّيْءَ يُعْمِي وَيُصِمُّ» . فَنُورُ الْبَصِيرَةِ هُوَ الَّذِي يُدْرِكُ تِلْكَ الْمَدَاخِلَ، فَإِذَا غَطَّاهُ الْحِرْصُ وَالْحَسَدُ لَمْ يُبْصِرْ، فَحِينَئِذٍ يَجِدُ الشَّيْطَانُ فُرْصَةً أَيَّ فُرْصَةٍ وَمَدْخَلًا أَيَّ مَدْخَلٍ: وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ نُوحًا وَجَدَهُ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ فَقَالَ: لِمَ دَخَلْتَ؟ قَالَ: لِأُصِيبَ قُلُوبَ أَصْحَابِك حَتَّى يَكُونُوا مَعِي وَلَا يَكُونَ مَعَك إلَّا أَبْدَانُهُمْ، قَالَ: اُخْرُجْ مِنْهَا يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَإِنَّك رَجِيمٌ، فَقَالَ إبْلِيسُ: خَمْسٌ أُهْلِكُ بِهِنَّ النَّاسَ وَسَأُحَدِّثُك بِثَلَاثٍ مِنْهَا دُونَ اثْنَتَيْنِ. فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى لِنُوحٍ - صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ -: مُرْهُ يُحَدِّثُك بِالِاثْنَتَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ لَك فِي الثَّلَاثِ، قَالَ لَهُ: مَا الِاثْنَتَانِ؟ فَقَالَ: هُمَا اللَّتَانِ لَا يَكْذِبَانِي هُمَا اللَّتَانِ لَا يُخْلِفَانِي بِهِمَا أُهْلِكُ النَّاسَ: الْحِرْصُ وَالْحَسَدُ، بِالْحَسَدِ لُعِنْتُ وَجُعِلْتُ شَيْطَانًا رَجِيمًا، وَبِالْحِرْصِ أَصَبْتُ حَاجَتِي مِنْ آدَمَ لِأَنَّهُ أُبِيحَ لَهُ الْجَنَّةُ كُلُّهَا إلَّا شَجَرَةً وَاحِدَةً فَلَمْ يَصْبِرْ عَنْهَا.
وَمِنْ أَعْظَمِهَا أَيْضًا الْغَضَبُ وَالشَّهْوَةُ، فَبِالْغَضَبِ يَضْعُفُ الْعَقْلُ فَيَلْعَبُ الشَّيْطَانُ بِالْغَضْبَانِ كَمَا يَلْعَبُ الصَّبِيُّ بِالْكُرَةِ.
وَرُوِيَ أَنَّ إبْلِيسَ اسْتَشْفَعَ بِمُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى رَبِّهِ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ فَشَفَعَ، فَقَالَ: يَا مُوسَى إنْ سَجَدَ لِقَبْرِ آدَمَ. فَأَعْلَمَهُ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ أَظْهَرَ الْغَضَبَ: لَمْ أَسْجُدْ لَهُ حَيًّا فَكَيْفَ أَسْجُدُ لَهُ مَيِّتًا، لَكِنْ لَك عَلَيَّ حَقُّ شَفَاعَتِك، اُذْكُرْنِي عِنْدَ ثَلَاثٍ لَا أُهْلِكُكَ فِيهِنَّ: اُذْكُرْنِي حِينَ تَغْضَبُ فَإِنِّي أَجْرِي مِنْك مَجْرَى الدَّمِ، وَحِينَ تَلْقَى الزَّحْفَ فَإِنِّي أُذَكِّرُ ابْنَ آدَمَ حِينَئِذٍ وَلَدَهُ وَزَوْجَتَهُ وَأَهْلَهُ حَتَّى يُوَلِّيَ، وَحِينَ تُجَالِسُ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً فَإِنِّي رَسُولُهَا إلَيْك وَرَسُولُك إلَيْهَا.
وَقَالَ لَهُ بَعْضُ الْأَنْبِيَاءِ: بِأَيِّ شَيْءٍ تَغْلِبُ ابْنَ آدَمَ؟ قَالَ: آخُذُهُ عِنْدَ الْغَضَبِ

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 140
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست