responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 141
وَعِنْدَ الْهَوَى، وَقِيلَ لَهُ: أَيُّ أَخْلَاقِ بَنِي آدَمَ أَعْوَنُ لَك؟ قَالَ: الْحِدَّةُ - أَيْ الْمَذْمُومَةُ - حَتَّى لَا يُنَافِيَ مَا مَرَّ فِي مَدْحِهَا: إنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ حَدِيدًا قَلَّبْنَاهُ كَمَا تُقَلِّبُ الصِّبْيَانُ الْكُرَةَ.

وَمِنْ أَعْظَمِهَا أَيْضًا: حُبُّ الْقَلْبِ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا يَرْجِعُ إلَيْهَا فَيَبِيضُ الشَّيْطَانُ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَيُفْرِخُ وَيَفْتَحُ لَهُ مِنْ الْمَلَاهِي وَالْقَوَاطِعِ عَنْ اللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ وَسُنَّتِهِ مَا يُزَيِّنُ لَهُ الْبَقَاءَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ عَلَى نَقْصِهِ وَغَفْلَتِهِ، وَإِنْفَاقِ نَفَائِسِ أَوْقَاتِهِ فِي الْبَطَالَاتِ، فَرُبَّمَا خَتَمَ اللَّهُ لَهُ بِسُوءٍ، وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى.

وَمِنْ أَعْظَمِهَا: مَحَبَّةُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ إذْ الشِّبَعُ - وَلَوْ مِنْ حَلَالٍ طَيِّبٍ - يُقَوِّي الشَّهَوَاتِ وَهِيَ أَسْلِحَةُ الشَّيْطَانِ، وَمِنْ ثَمَّ رَآهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا - صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ مَعَالِيقُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَقَالَ: هِيَ الشَّهَوَاتُ الَّتِي بِهَا أُصِيبُ ابْنَ آدَمَ، فَقَالَ: هَلْ لِي فِيهَا شَيْءٌ؟ فَقَالَ: رُبَّمَا شَبِعْتَ فَثَقَّلْنَاك عَنْ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ، قَالَ: هَلْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَمْلَأَ بَطْنِي مِنْ طَعَامٍ أَبَدًا، قَالَ إبْلِيسُ: وَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ لَا أَنْصَحَ مُسْلِمًا أَبَدًا.

وَمِنْ أَعْظَمِهَا أَيْضًا: الطَّمَعُ. فَإِنَّهُ إذَا غَلَبَ عَلَى قَلْبٍ لَمْ يَزَلْ الشَّيْطَانُ يُحْسِنُ التَّزَيُّنَ وَالتَّصَنُّعَ، وَلِلْمَطْمُوعِ فِيهِ بِأَنْوَاعِ الرِّيَاءِ وَالتَّلْبِيسِ حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ إلَهُهُ، فَلَا يَزَالُ يَتَفَكَّرُ فِي حَبْلِ التَّوَدُّدِ وَالتَّحَبُّبِ إلَيْهِ وَالتَّوَصُّلِ إلَى ذَلِكَ بِكُلِّ مَا رَضِيَهُ، وَإِنْ أَغْضَبَ اللَّهَ كَالْمُدَاهَنَةِ لَهُ بِإِقْرَارِهِ عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ.

وَمِنْهَا: الْعَجَلَةُ، وَتَرْكُ التَّثْبِيتِ فِي الْأُمُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولا} [الإسراء: 11] وَفِي الْحَدِيثِ: «الْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَالتَّأَنِّي مِنْ اللَّهِ» ، وَإِنَّمَا كَانَتْ الْعَجَلَةُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ عِنْدَهَا يَرُوجُ شَرُّهُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِخِلَافِ مَنْ تَمَهَّلَ وَتَرَوَّى عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَى عَمَلٍ يُرِيدُهُ فَإِنَّهُ تَحْصُلُ لَهُ بَصِيرَةٌ بِهِ، وَمَتَى لَمْ تَحْصُلْ تِلْكَ الْبَصِيرَةُ فَلَا يَنْبَغِي الِاسْتِعْجَالُ اللَّهُمَّ إلَّا فِي وَاجِبٍ فَوْرِيٍّ، فَهَذَا لَا مَسَاغَ لِلتَّمَهُّلِ فِيهِ، وَمِنْ أَعْظَمِهَا الْمَالُ إذَا مَا زَادَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْقُوتِ فَهُوَ مُسْتَقَرُّ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ ذَلِكَ الزَّائِدُ قَلْبُهُ فَارِغٌ، فَلَوْ وَجَدَ مِائَةَ دِينَارٍ بِطَرِيقٍ انْبَعَثَ مِنْ قَلْبِهِ عَشْرُ شَهَوَاتٍ، كُلُّ شَهْوَةٍ مِنْهَا تَحْتَاجُ إلَى مِائَةِ دِينَارٍ فَيَحْتَاجُ إلَى تِسْعِمِائَةٍ أُخْرَى، وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ظَفَرِهِ بِالْمِائَةِ مُسْتَغْنِيًا، فَلَمَّا وَجَدَ الْمِائَةَ ظَنَّ أَنَّهُ اسْتَغْنَى وَقَدْ بَانَ لَهُ أَنَّهُ صَارَ مُحْتَاجًا لِتِسْعِمِائَةٍ لِشِرَاءِ دَارٍ وَأَمَةٍ وَأَثَاثٍ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي شَيْئًا

نام کتاب : الزواجر عن اقتراف الكبائر نویسنده : الهيتمي، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست