نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 169
أن عملت عملاً كتبه الله علي قبل أن أعمله وقبل أن يخلقني بأربعين سنة قال صلى الله عليه وسلم فحج آدم موسى (1)
فمن عرف السبب في هذا الأمر معرفة صادرة عن نور الهداية فهو من خصوص العارفين المطلعين على سر القدر ومن سمع هذا فآمن به وصدق بمجرد السماع فهو من عموم المؤمنين ويحصل لكل واحد من الفريقين خوف فإن كان عبد فهو واقع في قبضة القدرة وقوع الصبي الضعيف في مخالب السبع والسبع قد يغفل بالاتفاق فيخليه وقد يهجم عليه فيفترسه وذلك بحسب ما يتفق ولذلك الاتفاق أسباب مرتبة بقدر معلوم ولكن إذا أضيف إلى من لا يعرفه سمي اتفاقاً وإن أضيف إلى علم الله لم يجز أن يسمى اتفاقاً والواقع في مخالب السبع لو كملت معرفته لكان لا يخاف السبع لأن السبع مسخر إن سلط عليه الجوع افترس وإن سلط عليه الغفلة خلى وترك فإنما يخاف خالق السبع وخالق صفاته فلست أقول مثال الخوف من الله تعالى الخوف من السبع بل إذا كشف الغطاء علم أن الخوف من السبع هو عين الخوف من الله تعالى لأن المهلك بواسطة السبع هو الله فاعلم أن سباع الآخرة مثل سباع الدنيا وأن الله تعالى خلق أسباب العذاب وأسباب الثواب وخلق لكل واحد أهلاً يسوقه القدر المتفرع عن القضاء الجزم الأزلي إلى ما خلق له فخلق الجنة وخلق لها أهلاً سخروا لأسبابها شاءوا أم أبوا وخلق النار وخلق لها أهلاً سخروا لأسبابها شاءوا أم أبوا فلا يرى أحد نفسه في ملتطم أمواج القدر إلا غلبه الخوف بالضرورة فهذه مخاوف العارفين بسر القدر فمن قعد به الْقُصُورِ عَنِ الِارْتِفَاعِ إِلَى مَقَامِ الِاسْتِبْصَارِ فَسَبِيلُهُ أَنْ يُعَالِجَ نَفْسَهُ بِسَمَاعِ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ فَيُطَالِعَ أحوال الخائفين العارفين وَأَقْوَالَهُمْ وَيَنْسُبَ عُقُولَهُمْ وَمَنَاصِبَهُمْ إِلَى مَنَاصِبِ الرَّاجِينَ الْمَغْرُورِينَ فَلَا يَتَمَارَى فِي أَنَّ الِاقْتِدَاءَ بِهِمْ أَوْلَى لِأَنَّهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ وَالْعُلَمَاءُ
وَأَمَّا الْآمِنُونَ فهم الفراعنة والجهال والأغنياء
أَمَّا رَسُولُنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (2)
وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ خَوْفًا [3] حديث أنه كان يصلي على طفل سمع في دعائه يقول اللهم قِه عذاب القبر وعذاب النار أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على صبي أو صبية وقال لو كان أحد نجا من ضمة القبر لنجا هذا الصبي واختلف في إسناده فرواه في الكبير من حديث أبي أيوب أن صبيا دفن فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو أفلت أحد من ضمة القبر لأفلت هذا الصبي
وفي رواية ثانية أنه سمع قائلاً يقول هَنِيئًا لَكَ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الْجَنَّةِ فَغَضِبَ وَقَالَ مَا يُدْرِيكَ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَاللَّهِ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَمَا أَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِي إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم [4] حديث لما توفي عثمان بن مظعون قالت أم سلمة هنيئاً لك الجنة الحديث أخرجه البخاري من حديث أم العلاء الأنصارية وهي القائلة رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله قال وما يدريك الحديث وورد أن التي قالت ذلك أم خارجة بن زيد ولم أجد فيه ذكر أم سلمة
وقال محمد بن خولة الحنفية والله لا أزكي أحداً غير رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) حديث احتج آدم وموسى عند ربهما فحج آدم موسى الحديث أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة وهو متفق عليه بألفاظ أخر
(2) حديث كان سيد الأولين والآخرين أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة أنا سيد ولد آدم ولا فخر الحديث [3] حديث كان أشد الناس خوفا تقدم قبل هذا بخمسة وعشرين حديثا قوله والله إني لأخشاكم لله وقوله والله إني لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية
حتى روي أنه كان يصلي على طفل ففي رواية أنه سمع في دعائه يقول اللهم قِه عذاب القبر وعذاب النار [4] حديث أنه سمع قائلة تقول لِطِفْلٍ مَاتَ هَنِيئًا لَكَ عُصْفُورٌ مِنْ عَصَافِيرِ الجنة فغضب وقال ما يدريك الحديث أخرجه مسلم من حديث عائشة قالت توفى صبي فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة الحديث وليس فيه فغضب وقد تقدم
وَرُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى جِنَازَةِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ لَمَّا قَالَتْ أم سلمة هَنِيئًا لَكَ الْجَنَّةُ فَكَانَتْ تَقُولُ أم سلمة بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بعد عثمان
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 4 صفحه : 169